كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَرَّاتٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَهَا فِي سَاعَاتٍ مُفْتَرِقَةٍ لِكَيْ يَسْمَعَ قَوْلَهُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَرَى فِي ذَلِكَ عَلَى عَادَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ إذَا قَالَ قَوْلًا أَعَادَهُ ثَلَاثًا فَيَكُونُ قَالَ ذَلِكَ قَوْلًا مُتَقَارِبًا وَقِيَامُ أَبِي قَتَادَةَ عِنْدَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بَعْدَ أَنْ يَجْلِسَ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِمَا كَانَ يَتَجَدَّدُ لَهُ مِنْ الْأَمَلِ فِي سَلَبِ قَتِيلِهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا كَانَ يُثْبِتُ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِسَلَبِ ذَلِكَ الْقَتِيلِ لِعِلْمِهِ بِقَتْلِهِ لَهُ ثُمَّ كَانَ يَجْلِسُ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَمَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَكَانَ عِنْدَهُ أَنَّ بَيِّنَتَهُ عَلَى ذَلِكَ مَعْدُومَةٌ وَمَا الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ هَذَا فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ أَمَّا مَنْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ فَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَاحْتِجَاجُ أَصْحَابِنَا بِخَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ دُونَ يَمِينٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ فِيهِ قَوْلُ الْوَاحِدِ وَذَلِكَ إذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ لِلَّذِي شَهِدَ لَهُ بِهِ: لَاهَا اللَّهِ إذًا لَا يَعْمِدُ إلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَيُعْطِيك سَلَبَهُ فَأَضَافَ السَّلَبَ إلَى مِلْكِهِ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَطَرِيقُهُ طَرِيقُ الْخَبَرِ لَا طَرِيقُ الشَّهَادَةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا إذَا قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْبَيِّنَةَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَقَالَ: أَنَا قَتَلْتُهُ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُهُ فَعَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ السَّلَبُ لَهُ وَعَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ لَا شَيْءَ لَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَأَمَّا إنْ جَاءَ بِسَلَبٍ فَقَالَ: أَنَا قَتَلْت صَاحِبَ هَذَا السَّلَبِ فَلَا يَأْخُذُ السَّلَبَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الرَّأْسِ وَالسَّلَبِ أَنَّ الرَّأْسَ فِي الْأَغْلَبِ لَا يَكُونُ إلَّا بِيَدِ مَنْ قَتَلَهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ يَمْنَعُ مِنْهُ مَنْ أَرَادَهُ وَلَا يَتْرُكُهُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ نَفَّلَهُ سَلَبَهُ فَهَذَا لَا يَشْهَدُ لَهُ وَأَمَّا السَّلَبُ فَلَيْسَ كَوْنُهُ بِيَدِهِ شَاهِدًا لَهُ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ سَلَبٍ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ إلَّا كَحَقِّهِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ صَاحِبُ الرَّأْسِ وَلَا صَاحِبُ السَّلَبِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: إنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ فِي ذَلِكَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ احْتِجَاجِ أَصْحَابِنَا بِقَوْلِ أَبِي قَتَادَةَ وَإِلَّا فَظَاهِرُ لَفْظِ الْبَيِّنَةِ يَقْتَضِي الشَّهَادَةَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى هَذَا الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَتَنَاوَلُ الْمَالَ وَإِنَّمَا تَتَنَاوَلُ الْقَتْلَ وَهُوَ حُكْمٌ فِي الْجَسَدِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا لَك يَا أَبَا قَتَادَةَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا رَأَى قِيَامَهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ اعْتَقَدَ أَنَّهُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ مِثْلَ هَذَا أَوْ مِمَّنْ فِي نَفْسِهِ شُبْهَةٌ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ فَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لَهُ بَيَّنَ لَهُ وَجْهَ اسْتِحْقَاقِهِ وَهَدَاهُ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ بَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لَهُ أَوْ تَفَضَّلَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ اعْتَقَدَ فِيهِ أَنَّ لَهُ حَاجَةً فَمَنَعَهُ الْحَيَاءُ مِنْ إبْدَائِهَا وَتَبْعَثُهُ حَاجَتُهُ عَلَى الْقِيَامِ إلَيْهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَأَرَادَ أَنْ يُسَهِّلَ عَلَيْهِ اسْتِفْتَاحَ الْكَلَامِ فِيهَا.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَاقْتَصَصْت عَلَيْهِ يُرِيدُ أَنَّهُ أَوْرَدَ عَلَيْهِ مَا جَرَى لَهُ وَالْمُوجِبُ لِقِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي فَأَرْضِهِ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَوْلُ الرَّجُلِ صِدْقُ شَهَادَةٍ لِأَبِي قَتَادَةَ بِقَتْلِهِ وَبِإِضَافَةِ السَّلَبِ الَّذِي عِنْدِي إلَى ذَلِكَ الْقَتِيلِ لِأَنَّ الْقَاتِلَ لِلْقَتِيلِ يَحْتَاجُ أَنْ يُبَيِّنَ أَحَدُهُمَا مُبَاشَرَةَ قَتْلِهِ وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ السَّلَبَ لَهُ إذَا وُجِدَ السَّلَبُ عَلَيْهِ وَمَعَهُ فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ كَوْنَ رَأْسِ الْقَتِيلِ مَعَهُ شَهَادَةٌ لَهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ سَلَبُ الْقَتِيلِ بِيَدِهِ شَهَادَةً لَهُ بِهِ هَذَا إنْ قُلْنَا إنَّ طَرِيقَهُ طَرِيقُ الشَّهَادَةِ وَإِنْ قُلْنَا طَرِيقُهُ طَرِيقُ الْخَبَرِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِيمَا يَدَّعِيهِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي عِدَةً وَرَغْبَةً إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَنْ يَهَبَهُ إيَّاهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ قِبَلَهُ وَيُعَوِّضَ أَبَا قَتَادَةَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَرْضَى بِهِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَاهَا اللَّهِ إذًا لَا يَعْمِدُ إلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَيُعْطِيك

الصفحة 192