كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 3)

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ لَيْسَ بِرِهَانِ الْخَيْلِ بَأْسٌ إذَا دَخَلَ فِيهَا مُحَلِّلٌ فَإِنْ سَبَقَ أَخَذَ السَّبَقَ وَإِنْ سُبِقَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُئِيَ وَهُوَ يَمْسَحُ وَجْهَ فَرَسِهِ بِرِدَائِهِ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنِّي عُوتِبْت اللَّيْلَةَ فِي الْخَيْلِ» ) .

(ش) : مَسْحُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجْهَ فَرَسِهِ بِرِدَائِهِ عَلَى سَبِيلِ الْإِكْرَامِ لَهُ وَالْمُبَالَغَةِ فِي مُرَاعَاتِهِ وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِ وَإِنَّمَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ لَمَّا لَمْ يُعْهَدْ مِنْهُ مِثْلُ هَذَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنِّي عُوتِبْت اللَّيْلَةَ فِي الْخَيْلِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا عُوتِبَ فِي الْمُبَالَغَةِ فِي مُرَاعَاتِهَا وَالتَّعَاهُدِ لَهَا وَالْإِحْسَانِ لِمَا خَصَّهَا اللَّهُ بِهِ مِنْ أَنْ جَعَلَهَا سَبَبًا لِلْخَيْرِ مِنْ الْأَجْرِ وَالْمَغْنَمِ عَوْنًا عَلَيْهِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ خَرَجَ إلَى خَيْبَرَ أَتَاهَا لَيْلًا وَكَانَ إذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ لَمْ يَغْرُ حَتَّى يُصْبِحَ فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ يَهُودٌ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاَللَّهِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إنَّا إذًا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ» )
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَبْعَثُ عَلَيْهِ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ وَالْمُبَالَغَةِ فِيهِ لِمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ النُّفُوسُ مِنْ الْحِرْصِ عَلَى الْغَلَبَةِ فَإِذَا سَابَقَ غَيْرُهُ كَانَ اجْتِهَادُهُ لِنَفْسِهِ وَفَرَسِهِ وَاجْتِهَادُهُ أَكْثَرُ مِنْ إجْهَادِهِ وَاجْتِهَادُهُ إذَا انْفَرَدَ بِالْجَرْيِ وَلَيْسَ تَعْرِفُ الْعَرَبُ الْمُسَابَقَةَ إلَّا بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَكَذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَدْ سَابَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَلَّمَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَابَقَ بَيْنَ غَيْرِهَا.
(فَصْلٌ) :
وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ تِلْكَ الْخَيْلِ سَبَقٌ أَخْرَجَهُ أَحَدُ الْمُتَسَابِقِينَ أَوْ غَيْرُهُمْ وَذَلِكَ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ حَالَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ السَّبَقُ أَخْرَجَهُ غَيْرُ الْمُتَسَابِقِينَ أَوْ أَحَدُهُمْ فَإِنْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُمْ كَالْإِمَامِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لِمَنْ سَبَقَ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ أَخْرَجَهُ أَحَدُ الْمُتَسَابِقِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُخْرِجَهُ وَيُسَابِقُ عَلَى أَنَّهُ إنْ سَبَقَ غَيْرُهُ فَهُوَ لِلسَّابِقِ وَإِنْ سَبَقَ هُوَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَيَكُونُ لِلَّذِي يَلِيهِ فَهَذَا أَيْضًا مِمَّا أَجَازَهُ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إلَّا فَارِسٌ وَاحِدٌ فَسَبَقَ الْمُخْرِجُ لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ الطَّعَامُ وَكَانَ لِمَنْ حَضَرَ رَوَاهُ ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ مَالِكٍ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُخْرِجَهُ أَحَدُ الْمُتَسَابِقِينَ عَلَى أَنَّهُ إنْ سَبَقَ غَيْرُهُ فَهُوَ لِلسَّابِقِ وَإِنْ سَبَقَ الْمُخْرِجُ فَهُوَ لَهُ هَذَا كَرِهَهُ مَالِكٌ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا خَيْرَ فِيهِ وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ إجَازَتَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ مِمَّنْ سَابَقَ بِهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الَّتِي سَابَقَتْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ وَلَيْسَ فِي الرَّاكِبِينَ حَدٌّ مِنْ صِغَرٍ وَلَا كِبَرٍ وَلَا خِفَّةٍ وَلَا ثِقَلٍ وَلْيَخْتَرْ كُلُّ إنْسَانٍ لِرُكُوبِ دَابَّتِهِ مَنْ أَحَبَّ وَأَمْكَنَهُ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا تَحْمِلُوا عَلَى الْخَيْلِ إلَّا مَنْ احْتَلَمَ.

(ش) : قَوْلُهُ لَيْسَ بِرِهَانِ الْخَيْلِ بَأْسٌ يُرِيدُ الْمُسَابَقَةَ وَقَوْلُهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُحَلِّلٌ سَمَّاهُ مُحَلِّلًا لِأَنَّهُ بِدُونِهِ لَمْ تَجُزْ الْمُسَابَقَةُ بَيْنَهَا عَلَى شَيْءٍ يُخْرِجُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا سَبَقًا وَكَانَ بَيْنَهُمَا مُحَلِّلٌ إنْ سَبَقَ أَخَذَ وَإِنْ سُبِقَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَهَذَا أَجَازَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ الْآخَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَبِهِ آخُذُ وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ مَنْعُهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ هَذَا الرِّهَانِ أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَرَاهِنَيْنِ جَرْيَ فَرَسِ صَاحِبِهِ وَلَا صِفَةَ الرَّاكِبِ مِنْ ثِقَلٍ وَخِفَّةٍ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقُ.

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ خَرَجَ إلَى خَيْبَرَ أَتَاهَا لَيْلًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصَدَ ذَلِكَ لِيَسْتَتِرَ الْمُسْلِمُونَ فِي مَكَامِنِهِمْ فَإِذَا أَصْبَحَ خَرَجَ مِنْ الْيَهُودِ مَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِالْخُرُوجِ فَيَظْفَرُ بِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ لَيْلًا لِيَعْلَمَ بَقَاءَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ

الصفحة 216