كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 3)

الصَّلَاةُ بِمِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالْجُمُعَةُ بِمِنًى وَعَرَفَةَ ص (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِمِنًى ثُمَّ يَغْدُو إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ إلَى عَرَفَةَ) .

ص (قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجْهَرُ بِالْقُرْآنِ فِي الظُّهْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَنَّهُ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَنَّ الصَّلَاةَ يَوْمَ عَرَفَةَ إنَّمَا هِيَ ظُهْرٌ وَإِنْ وَافَقَتْ الْجُمُعَةَ فَإِنَّمَا هِيَ ظُهْرٌ وَلَكِنَّهَا قُصِرَتْ مِنْ أَجْلِ السَّفَرِ قَالَ مَالِكٌ فِي إمَامِ الْحَاجِّ إذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ بَعْضَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQكُلِّ خُطْبَةٍ وَيَجْلِسُ فِي وَسَطِهَا بَيْنَ كُلِّ خُطْبَتَيْنِ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَمَتَى يُؤَذَّنُ لِلظُّهْرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُؤَذَّنُ لِلظُّهْرِ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يُؤَذَّنُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ أَذَانِهِ قَامَ فَنَزَلَ الْإِمَامُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ.
(فَرْعٌ)
وَيُؤَذَّنُ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَيُقَامُ لَهَا وَأَمَّا صَلَاةُ الْعَصْرِ فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يُؤَذَّنُ لَهَا وَيُقَامُ لَهَا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا يُؤَذَّنُ لِلْعَصْرِ وَيُقَامُ لَهَا وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُمَا صَلَاتَا فَرْضٍ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ كَالصَّلَاتَيْنِ يُجْمَعَانِ فِي السَّفَرِ أَوْ الْمَطَرِ.

[الصَّلَاةُ بِمِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالْجُمُعَةُ بِمِنًى وَعَرَفَةَ]
ش قَوْلُهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِمِنًى يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَهُوَ يَوْمُ مِنًى وَهُوَ الثَّامِنُ مِنْ الْعَشْرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إذَا مَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ فَطُفْ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَارْكَعْ وَاخْرُجْ إلَى مِنًى فَإِنْ خَرَجْت قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا حَرَجَ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ قَدْرَ مَا يُصَلُّونَ بِهَا الظُّهْرَ فَإِذَا وَصَلَ إلَى مِنًى صَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ثُمَّ يَبِيتُ بِهَا إلَى أَنْ يُصْبِحَ فَيُصَلِّي الصُّبْحَ وَكَذَلِكَ فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَفْعَالُهُ فِي الْقُرْبِ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ فَإِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى انْتِفَاءِ الْوُجُوبِ فَهِيَ عَلَى النَّدْبِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَكَرِهَ مَالِكٌ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ حَتَّى يُمْسِيَ إلَّا أَنْ يُدْرِكَهُ وَقْتُ الْجُمُعَةِ بِمَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ مِنْ مَكِّيٍّ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ فِي بَابٍ آخَرَ: فَمَنْ أَقَامَ بِهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ قَالَ أَصْبَغُ: فَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَإِنْ شَاءَ خَرَجَ وَإِنْ شَاءَ صَلَّى الْجُمُعَةَ وَأَخَّرَ إلَى أَنْ يُصَلِّي لِفَضِيلَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحَبُّ إلَيَّ خُرُوجُهُ إلَى مِنًى لِيُدْرِكَ بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ مَالِكٌ عَمَّنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَخَذَهُ الْوَقْتُ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَغْدُو إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ إلَى عَرَفَةَ هُوَ السُّنَّةُ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ يَغْدُو الْإِمَامُ وَالنَّاسُ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ إلَى عَرَفَةَ إلَّا مَنْ كَانَ ضَعِيفًا أَوْ بِدَابَّتِهِ عِلَّةٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَغْدُوَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَذَلِكَ كُلُّهُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَنْ غَدَا مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَا يُجَاوِزُ بَطْنَ مُحَسِّرٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَا قَبْلَ بَطْنِ مُحَسِّرٍ فِي حُكْمِ مِنًى فَلَا يَكُونُ غَادِيًا إلَى عَرَفَةَ إلَّا بِخُرُوجِهِ مِنْ مِنًى إلَى بَطْنِ مُحَسِّرٍ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.

ش قَوْلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجْهَرُ بِالْقُرْآنِ فِي الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ لِأَنَّهَا ظُهْرٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِيهَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَإِذَا وَافَقَ فَإِنَّهَا ظُهْرٌ أَيْضًا وَإِنَّمَا تُقْصَرُ لِلسَّفَرِ وَلَيْسَتْ بِصَلَاةِ جُمُعَةٍ لِأَنَّ عَرَفَةَ لَيْسَتْ بِمَوْضِعِ تَجْمِيعٍ لِأَنَّ التَّجْمِيعَ لَا يَكُونُ إلَّا بِمَوْضِعِ اسْتِيطَانٍ وَإِقَامَةٍ وَعَرَفَةُ لَيْسَتْ بِدَارِ قَرَارٍ وَلَا بِدَارِ اسْتِيطَانٍ وَلَا إقَامَةٍ فَلَا تُجْمَعُ فِيهَا وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا قَرْيَةٌ وَهِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ.
1 -

الصفحة 37