كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَالِكٌ وَلَا يُبَاعُ جِلْدُ أُضْحِيَّةٍ بِجِلْدٍ وَلَا غَيْرِهِ.
1 -
(فَرْعٌ) فَإِنْ بَاعَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ شَيْئًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ جَهْلًا فَلَا يَنْتَفِعُ بِالثَّمَنِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّ مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ أَوْ شَيْئًا مِنْ لَحْمِهَا إنْ أُدْرِكَ فُسِخَ وَإِلَّا جُعِلَ ثَمَنُ الْجِلْدِ فِي مَاعُونٍ أَوْ طَعَامٍ وَيُجْعَلُ ثَمَنُ اللَّحْمِ فِي طَعَامٍ يَأْكُلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلْيَصْنَعْ بِثَمَنِهِ مَا شَاءَ مِنْ إمْسَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي حُكْمِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ فَوَاتِهِ وَأَمَّا بَيْعُهُ فَمُتَّفَقٌ عَلَى مَنْعِهِ فَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ الِانْتِفَاعَ بِالثَّمَنِ وَجَوَّزَ سَحْنُونٌ تَصْرِيفَ ثَمَنِهِ فِيمَا يُنْتَفَعُ بِهِ دُونَ مَا يُتَمَوَّلُ وَيُصْرَفُ فِي التِّجَارَاتِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِالْأَثْمَانِ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي تَجْوِيزِهِ بَيْعَ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ بِمَا سِوَى الدِّرْهَمِ مِمَّا يُعَانُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَنَعَ الْبَيْعَ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ هَذَا حُكْمَ الثَّمَنِ عِنْدَهُ إذَا فَاتَ الْبَيْعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلِلرَّجُلِ أَنْ يُؤَاجِرَ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ وَجِلْدَ الْمَيْتَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ بَعْدَ الدِّبَاغِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا مُنِعَ بَيْعُهُ لَمْ تُمْنَعْ إجَارَتُهُ لِمَنْفَعَتِهِ الْمُبَاحَةِ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ مُنِعَ بَيْعُهُ وَلَمْ تُمْنَعْ إجَارَتُهُ لِمَنْفَعَتِهِ الْمُبَاحَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ تَلِفَ لَهُ شَيْءٌ عِنْدَ صَانِعٍ يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ أَوْ غَاصِبٍ أَوْ مُتَعَدٍّ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ سُرِقَتْ رُءُوسُ أُضْحِيَّتِهِ فِي الْفُرْنِ اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا يُغَرِّمَهُ شَيْئًا وَكَأَنَّهُ رَآهُ بَيْعًا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ: لَهُ أَخْذُ الْقِيمَةِ وَيَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ وَكَذَلِكَ قِيمَةُ الْجِلْدِ يَضِيعُ أَوْ يُسْتَهْلَكُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ خَلِقَ ثَوْبُهُ فَغَصَبَهُ غَاصِبٌ أَنَّ لَهُ أَخْذَ قِيمَتِهِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ اللَّحْمِ الْمُسْتَهْلَكِ مَا شَاءَ مِنْ طَعَامٍ أَوْ حَيَوَانٍ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ.
فَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ نَوْعٌ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا صُوفُ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنْ جُزَّ قَبْلَ ذَبْحِهَا فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَجُزَّهَا قَبْلَ الذَّبْحِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَا تُجَزُّ، وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ تَعْيِينَهَا لِلْأُضْحِيَّةِ قَدْ أَثَّرَ الْمَنْعُ فِي أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا كَاللَّحْمِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ مَعْنًى تَجُوزُ إزَالَتُهُ مِنْهَا قَبْلَ الذَّبْحِ دُونَ مَضَرَّةٍ فَجَازَ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْهَا قَبْلَ إيجَابِهَا.
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ جَزَّهَا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَدْ أَسَاءَ وَتُجْزِيهِ أُضْحِيَّتُهُ وَيَنْتَفِعُ بِالصُّوفِ وَلَا يَبِيعُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا أَرَى بِبَيْعِهِ بَأْسًا وَيَأْكُلُ ثَمَنَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَهُ بَيْعُهُ وَيَصْنَعُ بِثَمَنِهِ مَا شَاءَ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ قَبْلَ الذَّبْحِ فَيَحْتَمِلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ جَزِّهِ حَتَّى يَتَقَرَّبَ بِذَبْحِهَا عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا فَإِنْ أَقْدَمَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَبِيعُهُ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَنْعِ مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعِهِ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ جَزُّهُ وَإِنْ كَانَ تَعَلَّقَ بِهِ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ إلَّا أَنَّ جَزَّهُ فِي حُكْمِ تَفْرِيقِ أَبْعَاضِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَنْعٌ كَالْوِلَادَةِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلذَّكَاةِ تَأْثِيرٌ فِي الصُّوفِ جَازَ التَّفْرِيقُ لَا أَنَّهُ لَا يُبَاعُ كَمَا لَا يُبَاعُ الْوَلَدُ، وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ الصُّوفَ لَمَّا كَانَ لَا يُؤْكَلُ جَازَ بَيْعُهُ وَأَكْلُ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يُتَوَصَّلُ إلَى أَكْلِ أَجْزَاءِ الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا.
(فَرْعٌ) فَأَمَّا بَعْدَ الذَّبْحِ فَلَهُ جَزُّ صُوفِهِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا أَنْتَجَتْ الْأُضْحِيَّةُ فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ لَا يَجُوزُ ذَبْحُ وَلَدِهَا وَقَالَ مَالِكٌ إنْ ذَبَحَهُ مَعَ أُمِّهِ فَحَسَنٌ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ سِنَّ الْأُضْحِيَّةِ مُعْتَبَرٌ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي السَّخْلَةِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ تَبَعٌ لِأُمِّهِ فَلَا يُعْتَبَرُ إلَّا بِصِفَتِهَا دُونَ صِفَتِهِ كَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا لَبَنُ الْأُضْحِيَّةِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَهُ شُرْبُ لَبَنِ الْأُضْحِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ شُرْبُ لَبَنِ الْهَدْيِ وَلَا مَا فَضَلَ عَنْ فَصِيلِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ وَالْبَدَنَةُ قَدْ وَجَبَتْ بِالتَّقْلِيدِ مَعَ بَقَاءِ حَيَاتِهَا.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُ نَافِعٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لَيْسَ حِلَاقُ الرَّأْسِ بِوَاجِبٍ عَلَى مَنْ ضَحَّى.
وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى مَنْ ضَحَّى أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ.
وَقَدْ فَعَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَلَعَلَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ

الصفحة 92