كتاب روضة الطالبين- الكتب العلمية (اسم الجزء: 3)

هدمه، فأشرع رجل آخر جناحا في محاذاته لا تمكن معه إعادة الاول، جاز، كما لو قعد في طريق واسع ثم انتقل عنه، ويجوز لغيره الارتفاق به، هكذا قاله الاصحاب. ولك أن تقول: المرتفق بالقعود للمعاملة لا يبطل حقه بمجرد الزوال عن ذلك الموضع، وإنما يبطل بالسفر والاعراض عن الحرفة. فقياسه أن لا يبطل هنا بمجرد الهدم والانهدام، بل يعتبر إعراضه عن إعادته. قلت: إن ما قاسه كثيرون على ما إذا وقف في الطريق، ثم فارق موقفه، أو قعد للاستراحة ونحوها فلا يرد إعتراض الامام الرافعي رحمه الله. قال أصحابنا: ولو أخرج جناحا تحت جناح من يحاذيه، لم يكن للاول منعه، إذ لا ضرر. ولو أخرج فوق جناح الاول، قال ابن الصباغ: إن كان الثاني عاليا لا يضر بالمار فوق الجناح الاول، لم يمنع، وإلا، فله منعه. ولو أخرج مقابلا له، لم يمنع، إلا أن يعطل إنتفاع الاول. ولو كان الاول قد أخذ أكثر هواء الطريق، لم يكن لجاره مطالبته بتقصير جناحه ورده إلى نصف الطريق، لانه مباح سبق إليه. والله أعلم. واعلم أن الاكثرين، لم يتعرضوا في الاضرار الممنوع إلا للارتفاع، والانخفاض. وأما إظلام الموضع، فقال ابن الصباغ وطائفه: لا يؤثر، ومقتضى المعنى المذكور، ولفظ الشافعي رضي الله عنه، وأكثر الاصحاب، تأثيره. وقد صرح به منصور التميمي. وفي التتمة: إن انقطع الضوء كله، أثر، وإن نقص، فلا. فرع الشوارع التي في البلاد، والجواد الممتدة في الصحاري سواء في أنها منفكة عن الملك والاختصاص. والاصل فيها، الاباحة وجواز الانتفاع، إلا فيما يقدح في مقصودها هو الاستطراق. قال الامام: ومصير الموضع شارعا، له صورتان، إحداهما: أن يجعل الرجل ملكه شارعا وسبيلا مسبلا. والثانية: أن تجئ جماعة بلدة أو قرية، ويتركوا مسلكا نافذا بين الدور والمساكن، ويفتحوا إليه الابواب. ثم حكي عن شيخه، ما يقتضي صورة ثالثة، وهو أن يصير موضع من

الصفحة 440