كتاب روضة الطالبين- الكتب العلمية (اسم الجزء: 3)

فرع لو خرجت أغصان شجرة إلى هواء ملك جاره، فللجار مطالبته بإزالتها. فإن لم يفعل، فله تحويلها عن ملكه. فإن لم يمكن، فله قطعها، ولا يحتاج فيه إلى إذن القاضي، وفيه وجه ضعيف. فلو صالحه على إبقائها بعوض، لم يصح إن لم يستند الغصن إلى شئ، لانه اعتياض عن مجرد الهواء. وإن استند إلى جدار، فإن كان بعد الجفاف، جاز، وإن كان رطبا، فلا، لانه يزيد ولا يعرف قدر ثقله وضرره. فقال طائفة من أصحابنا البصريين: يجوز، وما ينمى يكون تابعا. والاول أصح. وانتشار العروق، كانتشار الاغصان. وكذلك ميل الجدار إلى هواء الجار، قاله الاصطخري.
الباب الثالث في التنازع فيه مسائل. الاولى: إذا ادعى على رجلين دارا في يدهما، فصدقه أحدهما، وكذبه الآخر، ثبت له النصف بإقرار المصدق، والقول قول المكذب. فلو صالح المدعي المقر على مال، وأراد المكذب أخذها بالشفعة، ففيه طريقان. أحدهما، قول الشيخ أبي حامد وجماعة: إن ملكاها في الظاهر بسببين مختلفين، فله ذلك، لانه لا تعلق لاحد الملكين بالآخر. وإن ملكا بسبب واحد، من إرث، أو شراء، فوجهان. أحدهما: المنع، لانه زعم أن الدار ليست للمدعي، وأن الصلح باطل. وأصحهما: يأخذ، لانا حكمنا في الظاهر بصحة الصلح. ولا يبعد انتقال ملك أحدهما فقط وإن ملكا بسبب. و الطريق الثاني، قاله ابن الصباغ: إن اقتصر المكذب على قوله: لا شئ لك في يدي، أو لا يلزمني تسليم شئ إليك، أخذ. وإن قال مع ذلك: وهذه الدار ورثناها، ففيه الوجهان. وهذا الطريق، أقرب، مع أن قوله: ورثناها، لا يقتضي بقاء نصيب الشريك في ملكه، بل يجوز انتقاله إلى المدعي. فالاختيار: أن يقطع بجواز الاخذ، إلا أن يقول: إن الشريك مالك في الحال.

الصفحة 456