كتاب صحيح البخاري - ط الشعب (اسم الجزء: 3)

فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ، قَالُوا : نَخْتَارُ سَبْيَنَا ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المُسْلِمِينَ ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ جَاؤُونَا تَائِبِينَ ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ بِذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ , فَقَالَ النَّاسُ : قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّا لاَ نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعُوا إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ , فَرَجَعَ النَّاسُ ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخْبَرُوهُ : أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا.
8- بَابُ إِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلاً أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يُعْطِي ، فَأَعْطَى عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ.
2309- حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، وَغَيْرِهِ ، يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، وَلَمْ يُبَلِّغْهُ كُلُّهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَكُنْتُ عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ , إِنَّمَا هُوَ فِي آخِرِ القَوْمِ ، فَمَرَّ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : مَا لَكَ ؟ قُلْتُ : إِنِّي عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ ، قَالَ : أَمَعَكَ قَضِيبٌ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : أَعْطِنِيهِ ، فَأَعْطَيْتُهُ ، فَضَرَبَهُ ، فَزَجَرَهُ ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ المَكَانِ مِنْ أَوَّلِ القَوْمِ ، قَالَ : بِعْنِيهِ ، فَقُلْتُ : بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : بَلْ بِعْنِيهِ , قَدْ أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ ، وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى المَدِينَةِ ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ أَخَذْتُ أَرْتَحِلُ ، قَالَ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قُلْتُ : تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً قَدْ خَلاَ مِنْهَا ، قَالَ : فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ ، قُلْتُ : إِنَّ أَبِي تُوُفِّيَ ، وَتَرَكَ بَنَاتٍ ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْكِحَ امْرَأَةً قَدْ جَرَّبَتْ خَلاَ مِنْهَا ، قَالَ : فَذَلِكَ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ ، قَالَ : يَا بِلاَلُ ، اقْضِهِ وَزِدْهُ ، فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ ، وَزَادَهُ قِيرَاطًا ، قَالَ جَابِرٌ : لاَ تُفَارِقُنِي زِيَادَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمْ يَكُنِ القِيرَاطُ يُفَارِقُ جِرَابَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ.

الصفحة 131