كتاب دولة الإسلام في الأندلس (اسم الجزء: 3)

في 388 صفحة كبيرة الحجم (نحو 30 في 20 سم) في كل منها 19 سطراً، وفي كل سطر نحو تسع كلمات، ومكتوب بخط أندلسي كبير واضح، وهو سليم جيد الحفظ، ما عدا ورقته الأولى فهي قديمة باهتة، ومجلد بجلد متين. وليس في بداية المخطوط أو نهايته ما يدل على تاريخ كتابته، ولكن يبدو من كتابته وحالته، أنه ربما يرجع إلى القرن الثامن أو التاسع الهجري (الرابع عشر أو الخامس عشر).
ولا يضم هذا المخطوط من كتاب " المن بالإمامة " سوى " السفر الثاني " وذلك حسبما سجل في صفحة العنوان، وحسبما ورد في ختام المخطوط على النحو الآتي: " كمل السفر الثاني من كتاب تاريخ المن بالإمامة على المستضعفين بأن جعلهم الله أئمة وجعلهم الوارثين وصلى الله على محمد وآله، يتلوه الثالث بحول الله سنة تسع وستين وخمسماية، خبر وصول العلج الطاغية ".
ويبدو من عنوان الكتاب الذي تقدم ذكره، أن السفر الأول منه، يتضمن تاريخ قيام الموحدين، وظفرهم بالتغلب على المرابطين، وتاريخ أول خلفاء الموحدين عبد المؤمن بن علي، وهذا السفر الأول من الكتاب لم يصل إلينا، كما لم يصل إلينا سفره الثالث الذي أشير إليه في ختام المخطوط. وأما السفر الثاني وهو الوحيد الذي انتهى إلينا، فيبدأ بحوادث سنة 554 هـ، وينتهي بحوادث سنة 568 هـ، وهي فترة قصيرة من الناحية الزمنية، ولكنها حافلة بالحوادث الهامة، التي يعرضها لنا ابن صاحب الصلاة، وقد كان شاهد عيان لكثير منها، في تفصيل شاف؛ على أن الأحداث التاريخية ليست أهم ما يتضمنه كتاب " المن بالإمامة ". ذلك أن أهم وأنفس ما يتضمنه الكتاب، هو تلك المجموعة من الرسائل والوثائق الموحدية الصادرة عن الخلفاء والأمراء الموحدين، التي ينقلها إلينا ابن صاحب الصلاة، وتلك التفاصيل الدقيقة التي يقدمها إلينا عن نظم الحكم الموحدية، وعن الشئون الإدارية والمالية، وهذه الوثائق والتفاصيل تلقي أكبر ضوء على خواص الحكم الموحدي، والدولة الموحدية.
وبالرغم من أن السفر الثاني الذي انتهى إلينا من كتاب " المن بالإمامة " ينتهي كما تقدم بحوادث سنة 568 هـ، وبالرغم من أن البحث لم يظفر حتى يومنا، بالحصول على نص السفر الثالث من الكتاب، فإنا نستطيع مع ذلك أن نعثر بكثير من النبذ والشذور التي يتضمنها هذا السفر المفقود من الكتاب، وقد نقلها إلينا مؤرخ متأخر هو ابن عذارى المراكشي في كتابه الجامع " البيان المغرب "

الصفحة 8