كتاب دولة الإسلام في الأندلس (اسم الجزء: 4)

- 1 -
لما توفي الخليفة عبد المؤمن بن علي بمحلته بثغر سلا في ليلة الجمعة العاشر من جمادى الآخرة سنة 558 هـ (15 مايو سنة 1163 م) خلفه على الأثر، ولده السيد أبو يعقوب يوسف، وعقدت له البيعة بمحلة أبيه في يوم الجمعة العاشر من جمادى الآخرة، وتولى تنظيمها أخوه شقيقه السيد أبو حفص عمر، والشيخ أبو حفص عمر الهنتاني كبير أشياخ الموحدين، تنفيذاً لوصية الخليفة الراحل، وذلك حسبما فصلناه فيما تقدم (¬1). وكان الخليفة الجديد عند ولايته فتى في الخامسة والعشرين من عمره، وكان مولده بتينملل في الثالث من شهر رجب سنة 533 هـ، وأمه حرة هي زينب بنت الفقيه القاضي موسى بن سليمان الضرير التينمللي (¬2) من أصحاب خمسين. ولما كملت البيعة سار الخليفة الجديد من سلا إلى مراكش، ونزل قصر الخلافة، وتولى الشيخ أبو حفص وعظ الموحدين على اختلاف مراتبهم، وحثهم على التزام فروض الطاعة. ثم أعلنت وفاة الخليفة الراحل، وحمل جثمانه إلى تينملل، حيث ووري إلى جانب إمامه المهدي ابن تومرت.
ولم يتخلف عن بيعة أبي يعقوب يوسف، سوى بعض أشياخ الموحدين وثلاثة من الإخوة، هم السيد أبو الحسن علي، والسيد أبو محمد والي بجاية، والسيد أبو سعيد والي قرطبة. فأما السيد أبو الحسن فقد كان حاضراً ليلة وفاة أبيه، وعقد البيعة لأخيه، ولما عاد من تينملل بعد مواراة الخليفة الراحل، لزم العزلة، وبرّحت به عوامل الغيرة والحقد، حتى مرض وتوفي غير بعيد وذلك في أواخر سنة 558 هـ. وأما السيد أبو محمد عبد الله والي بجاية، فقد لزم عاصمة إمارته، وكُتب الخليفة تتردد إليه بالاستعطاف والاستدعاء، وهو يتمهل، ويرد بالاعتذار والاستعداد للرحيل، واستمر في هذا التردد والتسويف نحو عام ونصف، وأخيراً اعتزم أمره، وغادر بجاية في حاشيته، قاصداً إلى مراكش، فأدركته
¬_______
(¬1) وذلك في الفصل الرابع من الكتاب الثالث (ص 394).
(¬2) المراكشي في المعجب ص 132، وروض القرطاس ص 134، ويسمى والدة أبي يعقوب عائشة، والحلل الموشية ص 120، وابن الخطيب في الإحاطة، (مخطوط الإسكوريال رقم 1673 الغزيري، لوحة 395).

الصفحة 11