كتاب دولة الإسلام في الأندلس (اسم الجزء: 4)

ملك ليون لإنجادهم، ويطلب إلى ابن تيمصلت أن يدله على الطريق الذي يمكن أن يسلكه لدخول المدينة. فبعث ابن تيمصلت بعض رجاله إلى مكان خفي من بعض أسوار القصبة، لم يفطن إليه البرتغاليون، فلما تحققوا من وصول القوات الليونية، نقبوا السور فخرج منه الموحدون إلى أقرب أبواب المدينة وفتحوه، وأدخلوا منه جند ليون، واجتمع الموحدون وجند ليون على قتال القوات البرتغالية داخل المدينة، وحمى القتال بين الفريقين، وأبدى الموحدون وحلفاؤهم الليونيون منتهى الإقدام والبسالة، في مقاتلة البرتغاليين، حتى مزقت صفوفهم.
واضطر ملكهم ألفونسو هنريكيز إلى الفرار، ولكنه عندما أراد أن يقتحم باب المدينة وهو في منتهى السرعة والذعر، اصطدمت ساقه اليمنى بعمود الباب بشدة أو علقت برتاج الباب على قول آخر، فسقط من فرسه، وقد كسرت ساقه، وأغمى عليه، فحمله أصحابه وهو فاقد الوعي، إلى بليدة، " قاية " الواقعة على مقربة من شمال المدينة فطاردتهم قوات فرناندو، وأسرت الملك الجريح، وعدة من أكابر أصحابه. وعامل فرناندو خصمه الملك بمنتهى الكرم والشهامة، فعهد إلى أطبائه بمعالجته، ثم أطلق سراحه، بعد أن تعهد له برد سائر الأماكن التي انتزعها من جليقية والتنازل عن كل دعوى بشأنها. وعاد ألفونسو هنريكيز إلى قلمرية، وقد فتت الهزيمة في عضده، وشلت ساقه، حتى أنه لم يستطع بعد ذلك اليوم أن يركب فرساً (¬1).
أما جيرالدو سمبافور فقد فر على أثر الموقعة، حسبما يذكر لنا ابن صاحب الصلاة. وفي رواية أخرى أنه أسر مع مليكه، ثم أطلق فرناندو سراحه بعد أن تعهد بالتنازل عن الأماكن والحصون التي استولى عليها شمالي بطليوس مثل ترجالُه، وقاصرش ومنتانجش، وقد استولى الموحدون على قاصرش وحصن شربة فيما بعد.
ووقعت هزيمة البرتغاليين وإخراجهم من بطليوس في اليوم الثاني والعشرين من شعبان سنة 564 هـ (21 مايو سنة 1169 م). وفي الحال سلم فرناندو المدينة إلى واليها ابن تيمصلت، وأوفى فرناندو في هذه المناسبة بعهوده للخليفة الموحدي أتم وفاء، وأبدى للموحدين إخلاصه وعرفانه لسابق عونهم وإنجادهم. واستولى
¬_______
(¬1) ابن صاحب الصلاة في " المن بالإمامة " لوحة 122 ب و 123 أ، والبيان المغرب القسم الثالث ص 80 و 81. وكذلك M. Lafuente: Hist. General de Espana, T. III. p.
329 & 330

الصفحة 38