كتاب الإهتمام بالسيرة النبوية باللغة الروسية

ومما تقدم يتضح موقف هذا الكاتب من الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو موقف بعيد عن الصواب والإنصاف.
ومن الملائم أن نذكر هنا أن أفكار سولوفيوف لها أتباع بين علماء الروس حتى الآن ومن الغريب أن بعضهم ينتسبون إلى الإسلام ومنهم المترجمة الروسية لمعاني القرآن الكريم بوروخوفا التي تابعت سولوفيوف في قوله إن أهل الكتاب غير ملزمين بقبول الإسلام، وإن في تطبيق شرائعهم كفاية لدخول الجنة، وإن نعيم الجنة للروح فقط بدون البدن. هذه العقائد الباطلة وغيرها نجدها في ترجمتها لمعاني القرآن الكريم وتفسيرها وهي لا تزال تدعو إليها. (1)
ثم إن سولوفيوف اهتم بتحليل الأخبار التاريخية مما جعل عمله يثير انتباه الباحثين. ولكن حكمه في كثير من المواضع غير مُنصف، وعرضه للروايات غير كامل ممَّا يحول بين القراء وتدبر أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأوامره ونواهيه، وكثيرا ما يعتمد على روايات ضعيفة. ولا يسعنا المقام أن نسرد كل ما وجدنا في كتابه من الأخبار الكاذبة ونكتفي بذكر بعضها.
يزعم سولوفيوف أن المسجد النبوي بالمدينة هو أول مسجد بني في الإسلام، ولا يذكر بناء مسجد قباء. كما يدعي أن المسلمين أجبروا ريحانة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام فمكنوه من الزواج بها. ويخطئ في قوله بأن ماريا أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت من أزواجه ويقول أكثر من مرة إن حج البيت صرف العبادة للكعبة، وكل ذلك يدل على أن معارفه عن أصول الدين الإسلامي كانت مشوَّهة.
__________
(1) انظر بحث المؤلف في موضوع «الأخطاء العقدية في ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الروسية» طبع بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة سنة 1423 هـ.

الصفحة 18