كتاب الإهتمام بالسيرة النبوية باللغة الروسية

ثم يقول: إن محمدا أسس أمة جديدة غير مقيدة بالعرى القبلية، وليس فيها خضوع لقبيلة ما، أو منطقة ما لقبيلة أخرى رغم أن كثيرا من القبائل عدّوا الإسلام خضوعا لقريش، وأفراد هذه الأمة اجتمعوا على أساس شعور داخلي، ولكن هذه الأمة ما كانت حينئذ دولة ذات نظام مالي موجه وهيكل إداري وجيش. إن محمداً لم يترك أي أحكام تختص بقيادة الأمة، فلم يرث المسلمون إلا بعض الأحداث السياسية من سيرته والتجارب السياسية لدى المشركين، فكان عليهم إعادة فهمها على ضوء العقيدة الجديدة (1) اهـ.
وخلاصة القول أن كتاب ((تاريخ الخلافة)) يعد أكثر تفصيلا لما كتب عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم باللغة الروسية. ورغم أن للمؤلف اتجاها إلحاديا وتقويما خاطئا لبعض الأحداث التاريخية، فإن هذا الكتاب يستحق دراسة من قِبل علماء المسلمين لما فيه من تحليلات لها أهميتها عند المستشرقين الذين غزوا عقول عامة المسلمين وبخاصة في الديار التي كانت تحت سيطرتهم، فلبسوا الحق بالباطل، وأضلُّوهم عن الطريق السوي.
والآن ننتقل للحديث عن كتاب ((النبي محمد)) للمستشرقَين السوفياتيين بانوفا وفاختين، فلهذا الكتاب مكانة خاصة بين كتب السيرة النبوية باللغة الروسية لأن أسلوبه يختلف عن أساليب كثير من كتب المستشرقين. فعلى الرغم من أن المؤلفَين اعتمدا على المراجع الموثوقة وذكرا فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم وأظهرا حرصهما لبيان الحق إلا أن أساس هذا الكتاب هو الكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله. فبانوفا لا تصدق بالأخبار التي تذكر فيها معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحاول أحيانا أن تفسرها بالظواهر الطبيعية والحوادث التي لم
__________
(1) المصدر نفسه (1/188) .

الصفحة 29