كتاب الإهتمام بالسيرة النبوية باللغة الروسية

وتلك بعض الأمثلة التي تبين منهج المستشرقين بانوفا وفاختين، وهو في الحقيقة منهج جميع المستشرقين الروس الذين حاولوا أن ينشروا أفكارهم الباطلة ويثبتوا أن الدين الإسلامي نشأ وتكون تحت تأثير العوامل الاجتماعية والسياسية، وكان وسيلة في أيدي وجهاء المجتمع لتقوية سلطانهم.
يحاول المستشرقون تلبية لمقاصدهم غير العلمية أن يستخفُّوا بالقيم الدينية والأخلاقية، ويدّعوا أن الحضارة الإسلامية هي في الحقيقة التراث العربي فقط وأن سائر الناس يمكنهم التخلي عنها. ورغم هذا نجد كتبهم منتشرة بكثرة حتى بين المسلمين الناطِقين باللغة الروسية نظرا لطريقة عرض الأحداث التاريخية بصفة شائقة وبعبارات سهلة الفهم، وصدق من قال: إن مثلهم كمثل الذي يقدم العسل مدسوساً بالسم.
ولهذا يتعين على علماء المسلمين أن يجتهدوا في عرض السيرة النبوية الصحيحة لأكبر عدد من القراء الذين وقعوا في شرك المستشرقين، وبخاصة الناطقون باللغة الروسية، الذين يقدّرون مهارات المؤلفين الأدبية ويحتاجون إلى شرح واف واستدلالات قاطعة؛ ليقتنعوا بصحة الأخبار الواردة في المراجع الإسلامية.
ويمكن القول إن بحوث المستشرقين الروس والسوفيات كانت موجهة أساسا لحل مسألتين:
إحداهما هي إيجاد تعليل مادي لحالة النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي عليه ولنجاحه في دعوته. لهذا استخدموا كل الاختراعات في مجال علم النفس، والطب النفسي، وطرق استحضار الجن، وعلم الإثنوغرافيا وغيرها من العلوم. واجتهدوا في إيجاد أوجه التشابه بين حالته وحالة الشعراء والسحرة

الصفحة 38