كتاب الإهتمام بالسيرة النبوية باللغة الروسية

والكهان مثلما فعل مشركو قريش، واصطلحوا لهذه الحالة بحالة نفسية مختلة. ولتسهيل مهمتهم صاروا يدرسون شخصيته بمعزل عن تعاليمه الدينية وأخلاقه الكريمة وقراراته الحكيمة الصائبة ولو أنصفوا وذكروا بعضا منها لهدمت كل افتراءاتهم. ولكنهم أهملوا كل الروايات التي لا تخدم مقاصدهم واعتنوا فقط بسلوكه صلى الله عليه وسلم أثناء تلقيه الوحي.
والمسألة الثانية هي محاولتهم إيجاد جواب على تساؤل محير، كيف استطاع النبي صلى الله عليه وسلم استخدام مهاراته السياسية لتوحيد العرب في أمة واحدة تخضع لشريعة واحدة؟ فهم بانحياز وتشكيك يتعاملون مع روايات المؤرخين المسلمين، ويهتمون بدراسة قرارات النبي صلى الله عليه وسلم السياسية ويعدونه سياسيا حكيما حذرا وأنه استخدم بدهاء نظرية الوحي الإلهي لبلوغ غايته. كبرت كلمة تخرج من أفواههم.
وبعد تحليل دقيق لمنهج المستشرقين الروس في دراسة السيرة النبوية وعرضها على القراء والعناية بالوضع الحالي للمسلمين في هذه الديار، أود أن أشير إلى بعض الأسس التي ينبغى أن يُعتمد عليها في عرض السيرة النبوية:
أولا: كتب السيرة النبوية إما أن تكون بحوثا علمية فيها الأدلة والبراهين والتحليلات لمواقف من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وهدفها إثبات الحق والرد على افتراءات المستشرقين وأهل الزيغ والأهواء، وإما أن تكون مؤلفات فنية معتمدة على الآثار الصحيحة موجهة لعامة القراء.
ثانيا: تحليل وجيه ومتقن لأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم مع تقويم الوضع السياسي والاقتصادي للمسلمين وأعدائهم يجعل الكتاب ممتعا وجالباً للقارئ المتمعن المستعد لقبول الحق إذا تبين له.

الصفحة 39