كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 4)

وبشَّر النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمته بأنهم أكثر أهل الجنة، روى البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي اللهُ عنه أنه قال: قال رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد (٢)} [الحج]»، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: «أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْ يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ أَلْفًا، وَمِنْكُمْ رَجُلٌ»؛ ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ» قَالَ: فَحَمِدْنَا اللَّهَ وَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِنَّ مَثَلَكُمْ فِي الْأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ» (¬١).
والرؤيا الصالحة بشرى من اللَّه تعالى للمؤمن؛ روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: فَالرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ المَرءُ نَفْسَهُ» (¬٢).
ومن فوائد البشارة:
أولاً: استحباب التبشير بالخير؛ قال تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِين (٢٢٣)} [البقرة]، وفي الصحيحين في قصة توبة كعب بن
---------------
(¬١) ص: ١٢٥١، برقم ٦٥٣٠، وصحيح مسلم ص: ١١٨، برقم ٢٢٢.
(¬٢) ص: ١٣٤١، برقم ٧٠١٧، وصحيح مسلم ص: ٩٣٠، برقم ٢٢٦٣ واللفظ له.

الصفحة 129