كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 4)

قوله تعالى: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُون (٣٠)} [فصلت]: فيبشرونهم بذهاب الشر وحصول الخير؛ روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «إِنَّ الْمَيِّتَ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، اخْرُجِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ» (¬١).
وروى ابن أبي حاتم بسنده إلى ثابت: أنه قرأ سورة حم السجدة، حتى بلغ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ}، فوقف فقال: بلغنا أن العبد المؤمن حين يبعثه اللَّه من قبره يتلقاه ملكاه اللذان كانا معه في الدنيا، فيقولان له: لا تخف ولا تحزن؛ فيؤمِّنُ اللَّه خوفه ويقر عينه، فما من عظيمة يخشى الناس منها يوم القيامة، إلا وهي للمؤمن قرَّة عين: لما هداه اللَّه، ولما كان يعمل له في الدنيا (¬٢).
قال ابن مسعود: إذا جاء ملك الموت ليقبض روح المؤمن قال له: إن ربك يقرئك السلام، وقال محمد بن كعب: يقول له ملك الموت: السلام عليك يا ولي اللَّه، اللَّه يقرأ عليك السلام، ثم تلا: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ
---------------
(¬١) (١٤/ ٣٧٨)، برقم ٨٧٦٩؛ وصححه محققو المسند، وقالوا: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(¬٢) عزاه ابن كثير في تفسيره (١٢/ ٢٣٦ - ٢٣٧) إلى ابن أبي حاتم، وقال محققوه: إسناده حسن.

الصفحة 135