كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 4)

روى البخاري في صحيحه: أن عمر رضي اللهُ عنه رأى رجلاً يصلي بين أسطوانتين، فأدناه إلى سارية فقال: صل إليها (¬١)؛ قال ابن حجر: أراد عمر بذلك أن تكون صلاته إلى سترة (¬٢) اهـ.
فما فعله عمر يدل على أن السترة أمر مؤكد جدًّا؛ قال ابن مسعود: أربع من الجفاء - ذكر منها -: أن يصلي الرجل إلى غير سترة، أو يسمع المنادي لا يجيبه.
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس رضي اللهُ عنه أنه قال: لقد رأيت كبار أصحاب النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يبتدرون السواري عند المغرب (¬٣)، وفي رواية: أنها الركعتان اللتان قبل المغرب (¬٤).
فالصحابة رضي اللهُ عنهم كانوا يحرصون على السترة في المسجد - مع ضيق الوقت -؛ روى ابن أبي شيبة من حديث نافع قال: كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلاً إلى سارية من سواري المسجد، قال لي: ولِّني ظهرك (¬٥)؛ وروى ابن أبي شيبة من حديث سلمة بن الأكوع: أنه كان ينصب أحجارًا في البرية، فإذا أراد أن يصلي صلى إليها (¬٦)؛ وهذا يدل على أنه لا فرق في السترة بين العمران والصحاري، كما يظهر من الأحاديث السابقة وفعل الصحابة رضي اللهُ عنهم.
---------------
(¬١) ص: ١١٦.
(¬٢) فتح الباري (١/ ٥٧٧).
(¬٣) ص: ١١٦ برقم (٥٠٣)، وصحيح مسلم ص: ٣٢٥ برقم ٨٣٧.
(¬٤) صحيح مسلم ص: ٣٢٥ برقم ٨٣٧.
(¬٥) (٢/ ١٤١) برقم ٢٨٩٢.
(¬٦) (٢/ ١٣٨) برقم ٢٨٧٧.

الصفحة 147