كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 4)

وكل شيء فيبلغ من عدل اللَّه يومئذ؛ أن يأخذ للجمَّاء من القرناء، قال: ثم يقول: «كوني ترابًا، فلذلك يقول الكافر: {يَالَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (٤٠)} [النبأ]» (¬١).
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ذر رضي اللهُ عنه أنه قال: «لَقَد تَرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وَمَا يَتَقَلَّبُ فِي السَّمَاءِ طَائِرٌ، إِلَّا ذَكَرَ لَنَا مِنهُ عِلمًا» (¬٢).
ومن فوائد الآية الكريمة:
أولاً: عدل اللَّه التام بين البهائم والطيور وسائر المخلوقات، وهذا العدل دقيق جدًّا حتى في مثقال الذرة الذي يحتقره الناس، قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِين (٤٧)} [الأنبياء]، وقال تعالى: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦)} [لقمان].
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَالَ: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» (¬٣).
ثانيًا: إن اللَّه قد تكفل برزق جميع الدواب والطيور والأسماك
---------------
(¬١) تفسير عبد الرزاق (٢/ ٢٠٦).
(¬٢) (٣٥/ ٣٤٦) برقم ٢١٤٣٩، وقال محققوه: حديث حسن.
(¬٣) ص: ١٠٤، حديث رقم ٢٥٨٢.

الصفحة 17