كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 4)
الكلمة الثانية: الذلة وأسبابها
الحمد للَّه، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
قال أمير المؤمنين عمر رضي اللهُ عنه: «إنا كنا أذل قوم فأعزنا اللَّه بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا اللَّه به أذلنا اللَّه» (¬١).
قال الراغب: «الذل متى كان من جهة الإنسان نفسه لنفسه فمحمود، نحو قوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: (٥٤)]، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون (١٢٣)} [آل عمران] (¬٢) اهـ، وفيما عدا ذلك يكون مذمومًا؛ لأن العزة للَّه ولرسوله وللمؤمنين».
ومن أسباب الذل الذي جعله اللَّه عقوبة لمن عصاه، وخالف أمره وأمر رسوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
أن من كفر به وحارب أولياءه أذلَّه اللَّه، قال تعالى عن اليهود: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَاّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ
---------------
(¬١) جزء من حديث في مستدرك الحاكم (١/ ٢٣٦ - ٢٣٧)، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال محققه: سنده صحيح.
(¬٢) المفردات ص: ١٨١.