كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 4)
مِّنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُون (١١٢)} [آل عمران].
قال ابن جرير: يقول جل ثناؤه: أُلزم اليهود المكذبون بمحمد صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذلة أينما كانوا من الأرض، وبأي مكان كانوا من بقاعها من بلاد المسلمين والمشركين {إِلَاّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ} أي: السبب الذي يأمنون به على أنفسهم من المؤمنين وعلى أموالهم وذراريهم من عهد وأمان تقدم لهم عقده، قبل أن يُثْقَفُوا في بلاد الإسلام (¬١).
وأخبر جل وعلا أنه كتب الذل والصَّغار عليهم، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِين (١٥٢)} [الأعراف].
وقال تعالى عن أهل الكتاب: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُون (٢٩)} [التوبة].
قال ابن كثير: «أي أذلاء حقيرون مهانون» (¬٢).
ومن أسباب الذل والهوان:
التكبر على أوامر اللَّه والاحتقار لعباد اللَّه: روى الترمذي في
---------------
(¬١) تفسير ابن جرير (٣/ ١٩٢١).
(¬٢) تفسير ابن كثير (٧/ ١٧٦).