كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 4)

قال الشاعر:
وَأَفْضَلُ قَسم اللَّه للمَرْءِ عَقْلُهُ ... فليسَ مِنَ الخَيْراتِ شيءٌ يُقاربُهُ
إِذا أَكْمَلَ الرحْمَنُ للمرءِ عَقْلَهُ ... فقدْ كَمُلَتْ أَخْلَاقُهُ ومآربُهُ
وقال الشاعر:
لَيْسَ الجمالُ بأثوابٍ تُزَينُنَا ... إِنَ الجَمَالَ جَمَالُ العَقْلِ والأَدَبِ
قد يقول قائل: ما هو العقل؟ ومن هو العاقل؟
العقل: اسم يقع على المعرفة بسلوك الصواب والعلم باجتناب الخطأ، فإذا كان المرء في أول درجاته يسمى أديبًا ثم أريبًا، ثم لبيبًا ثم عاقلًا (¬١)؛ قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [الأحقاف: ١٥] أي: تناهى عقله، وكمل فهمه وحلمه، ويقال: إنه لا يتغير غالبًا عما يكون عليه ابن الأربعين (¬٢).
قال ابن حزم: وحد العقل: ينطوي فيه فعل الطاعات والفضائل واجتناب المعاصي والرذائل، وقد نصَّ اللَّه تعالى في كتابه أن من عصاه لا يعقل، قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِير (١٠) فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِير (١١)} [الملك]. وحد الحمق: استعمال المعاصي والرذائل، وهو ضد العقل، ولا واسطة بين الحمق والعقل إلا السخف (¬٣) اهـ.
---------------
(¬١) روضة العقلاء/ لابن حبان ص: ١٦.
(¬٢) تفسير ابن كثير (١٣/ ١٥).
(¬٣) الأخلاق والسير في مداواة النفوس ص: ٦٥ - ٦٦ بتصرف.

الصفحة 251