كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

فَلَو كانتِ الدُّنيا تُنالُ بفطنةٍ ... وفَضْلٍ وعقلٍ نِلْتُ أَعْلَى المراتبِ
ولَكِنَّمَا الأرْزَاقُ حظٌّ وقِسْمَةٌ ... بِفَضْلِ مَلِيكٍ لا بِحِيلَةِ طالبِ
ثالثاً: أن اللَّه سبحانه متحكم في أرزاق عبادة فيجعل من يشاء غنياً كثير الرزق، ويقتر على آخرين وله في ذلك حكم بالغة، قال تعالى: {وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ} [النحل: ٧١]، وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (٣٠)} [الإسراء]. قال ابن كثير: «أي: خبير بصير بمن يستحق الغنى ومن يستحق الفقر، وقد يكون الغنى في حق بعض الناس استدراجاً والفقر عقوبة عياذاً باللَّه من هذا وهذا» (¬١). اهـ.
وإن من العباد من لا يصلح حاله إلا بالغنى فإن أصابه الفقر فسد حاله ومنهم العكس.
رابعاً: كثرة الرزق في الدنيا لا تدل على محبة اللَّه تعالى ولكن الكفار بجهلهم ظنوا ذلك، قال تعالى: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِين (٣٥)} [سبأ]. فظن هؤلاء الكفار أن كثرة الأموال والأولاد دليل على محبة اللَّه لهم فرد اللَّه ذلك بقوله: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِين (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَاّ يَشْعُرُون (٥٦)} [المؤمنون].
خامساً: أن أسباب الرزق إنما تنال بطاعة اللَّه، فبعض الناس يتعامل بالربا أو بأكل أموال الناس بالباطل، أو الغش أو التحايل
---------------
(¬١) تفسير ابن كثير (٨/ ٤٧٩).

الصفحة 337