كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

فقال: {والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُون (٤) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون (٥)} [البقرة: ٤ - ٥].
وأخبر عن أهل النار بأنهم لم يكونوا من أصحاب اليقين فقال سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَاّ ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِين (٣٢)} [الجاثية]. فاليقين روح أعمال القلوب التي هي أرواح أعمال الجوارح، وهو حقيقة الصديقية، وهو قطب هذا الشأن الذي عليه مداره (¬١).
وتأمل حال ذلك الصحابي الذي أخذ تمراته، وقعد يأكلها على حاجة وجوع وفاقةٍ إليها، فلما عاين سوق الشهادة قامت، ألقى قوته من يده، وقال: «إنها لحياة طويلة إن بقيت حتى آكل هذه التمرات»، وألقاها من يده وقاتل حتى قتل، وكذلك أحوال الصحابة رضي اللهُ عنهم (¬٢).
وأخبر النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن اليقين سبب لدخول الجنة روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقَامَ بِلَالٌ يُنَادِي فَلَمَّا سَكَتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَنْ قَالَ مِثْلَ هَذَا يَقِينًا دَخَلَ الْجَنَّةَ» (¬٣).
واليقين سبب لنجاة الأمة وصلاحها في الدنيا والآخرة، روى البيهقي في شعب الإيمان من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «صَلَحَ أَمْرُ أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالزُّهْدِ وَالْيَقِينِ،
---------------
(¬١) مدارج السالكين (٢/ ٢٩٣ - ٢٩٩) بتصرف.
(¬٢) هو عمير بن الحمام رضي اللهُ عنه يوم أحد.
(¬٣) (١٤/ ٢٧٢) برقم ٨٦٢٤ وقال محققوه: حديث صحيح.

الصفحة 380