كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

القرآن فيه، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر (١)} [القدر]. ومن المعلوم أن ليلة القدر إنما تكون في رمضان وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس قال: كان النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أجود بالخير من الريح المرسلة (¬١).
وكان الإمام مالك إذا أقبل رمضان توقف عن التأليف والدروس وقال: إنما هو إطعام طعام، وقراءة قرآن. كان بعض السلف يختم القرآن في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً، فعلى أقل تقدير أن يختم الصائم القرآن ولو مرة واحدة في رمضان.
ومنها: الصدقة وهي باب عظيم من أبواب الخير، قال تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون (٢٧٤)} [البقرة].
روى البخاري ومسلم من حديث أبي ذر رضي اللهُ عنه قال: انتهيت إلى النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَلَمَّا رَأَىنِي قَالَ: «هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ»، قال: فجئت فَجَلَسْتُ فَلَمْ أَتَقَارَّ أَنْ قُمْتُ فَقُلْتُ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمُ الأَكْثَرُونَ أَموَالًا إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله «وَقَلِيلٌ مَا هُمْ» (¬٢).
---------------
(¬١) ص: ٢٢ برقم ٦.
(¬٢) ص: ١٢٦٨ برقم ٦٦٣٨، وصحيح مسلم ص: ٣٨٤ برقم ٩٩٠ واللفظ له.

الصفحة 398