كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِين (٩٥)} [الحجر].
قال ابن القيم رحمه الله:
وَهُوَ الحَسِيبُ كِفَايةً وحمايةً ... والحَسْبُ كَافِي العَبْدِ كُلَّ أَوَانِ (¬١)
والتوكل على اللَّه سبب كفاية اللَّه لعبده، قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣]. أي كافية كل أموره الدينية والدنيوية، والتوكل هو اعتماد القلب على اللَّه في حصول المطلوب ودفع المكروه مع الثقة به وفعل الأسباب المأذون فيها شرعاً (¬٢)، قال بعض السلف: جعل اللَّه تعالى لكل عمل جزاء من جنسه وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته لعبده فقال: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ولم يقل: نؤته كذا وكذا من الأجر كما قال في الأعمال بل جعل نفسه سبحانه كافي عبده المتوكل عليه وحسبه وواقيه (¬٣)، فلو توكل العبد على ربه حق التوكل بأن اعتمد بقلبه على ربه اعتماداً قوياً كاملاً في تحصيل مصالحه ودفع مضاره وقويت نفسه وحسن باطنه بربه حصلت له الكفاية، وأتم اللَّه له أحواله وسدده في أقواله وأفعاله وكفاه همه وجلا غمه (¬٤)، فهناك لا تسأل عن كل أمر تيسر وصعب يتسهل وخطوب تهون وكروب تزول وأحوال وحوائج تقضى وبركات تنزل ونقم تدفع وشرور ترفع (¬٥).
---------------
(¬١) النونية (٢/ ٢٣٣).
(¬٢) القول المفيد على كتاب التوحيد (٢/ ٢٢٨).
(¬٣) بدائع الفوائد (٢/ ٧٦٦ - ٧٦٧).
(¬٤) فتح الرحيم الملك العلام (ص: ٥٣ - ٥٤).
(¬٥) تيسير الكريم الرحمن ص: ٩٢٠.

الصفحة 404