كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

الكلمة الرابعة والستون: خطورة المجاهرة بالمعصية
الحمد للَّه والصلاة والسلام على رسول اللَّه وأشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وبعد.
فإن الذنوب والمعاصي عاقبتها وخيمة في الدنيا والآخرة قال تعالى مبيناً أضرارها على العباد: {فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُون (٤٠)} [العنكبوت].
وأعظم هذه الذنوب المجاهرة بها ومعناها أن يرتكب الشخص الإثم علانية أو يرتكبه سراً فيستره اللَّه عزَّ وجلَّ ولكنه يخبر به بعد ذلك مستهيناً بستر اللَّه له، قال تعالى: {لَاّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَاّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (١٤٨)} [النساء]. جاء في تفسيرها: لا يحب اللَّه أن يجهر أحد بالسوء من القول إلا من ظلم فلا يكره له الجهر به (¬١).
روى البخاري ومسلم من حديث سالم بن عبد اللَّه قال: سمعت رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ
---------------
(¬١) تفسير القرطبي (٧/ ١٩٩).

الصفحة 409