كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ يَا فُلَانُ: عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ» (¬١).
قال ابن حجر: والمجاهر هو الذي أظهر معصيته وكشف ما ستر اللَّه عليه فيحدث بها، أما المجاهرون في الحديث الشريف فيحتمل أن يكون بمعنى من جهر بالمعصية وأظهرها ويحتمل أن يكون المراد الذين يجاهر بعضهم بعضاً بالتحدث بالمعاصي وبقية الحديث تؤكد المعنى الأول (¬٢).
ومما سبق يتضح أن المجاهرة على أنواع ثلاثة.
١ - المجاهرة بمعنى إظهار المعصية وذلك كما يفعل المُجَّان والمستهترون بحدود اللَّه، والذي يفعل المعصية جهاراً يرتكب محذورين.
الأول: إظهار المعصية.
الثاني: تلبسه بفعل المُجَّان أي: (أهل المُجُون) وهو مذموم شرعاً وعرفاً.
٢ - المجاهرة بمعنى إظهار ما ستر اللَّه على العبد من فعله المعصية كأن يحدث بها تفاخراً أو استهتاراً بستر اللَّه تعالى وهؤلاء هم الذين لا يتمتعون بمعافاة اللَّه عزَّ وجلَّ كحال الشباب الذين يسافرون
---------------
(¬١) ص: ١١٧٣ برقم ٦٠٦٩، وصحيح مسلم ص: ١١٩٧ - ١١٩٨ برقم ٢٩٩٠.
(¬٢) فتح الباري (١٠/ ٤٨٧) بتصرف.

الصفحة 410