كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

إلى خارج البلاد، ويرتكب الواحد منهم الفواحش وشرب الخمور ثم يخبر بهذا أصدقاء السوء تفاخراً واستهتاراً بستر اللَّه له.
٣ - المجاهرة بمعنى أن يجاهر بعض الفساق بعضاً بالتحدث بالمعاصي (¬١). قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن المظهر للمنكر يجب الانكار عليه علانية ولا تبقى له غيبة ويجب أن يعاقب علانية بما يردعه عن ذلك وينبغي لأهل الخير أن يهجروه ميتاً إذا كان فيه ردع لأمثاله فيتركون تشييع جنازته (¬٢).
وقال النووي رحمه الله: «إن من جاهر بفسقه أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به دون ما لم يجاهر به» (¬٣)، وقال ابن حجر: من قصد إظهار المعصية والمجاهرة أغضب ربه فلم يستره ومن قصد التستر بها حياء من ربه ومن الناس من اللَّه عليه بستره إياه (¬٤) اهـ. قال ابن بطال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق اللَّه ورسوله وبصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف (¬٥).
وأخبر النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن المجاهرة بالمعاصي لها عقوبات في الدنيا قبل الآخرة. روى ابن ماجه في سننه من حديث ابن عمر قال: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا
---------------
(¬١) فتح الباري (١٠/ ٤٨٧).
(¬٢) غذاء الألباب (١/ ٢٦٠ - ٢٦١).
(¬٣) فتح الباري (١٠/ ٤٨٧).
(¬٤) فتح الباري (١٠/ ٤٨٨).
(¬٥) فتح الباري (١٠/ ٤٨٧).

الصفحة 411