كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» (¬١).
والغبن أن يشتري الإنسان السلعة بأضعاف الثمن فمن صح بدنه وتفرغ من الأشغال العالقة به ولم يسع لإصلاح آخرته يقال عنه: إنه رجل مغبون.
وفي الحديث إشارة إلى أن الزمن نعمة كبرى لا يستفيد منها إلا الموفقون الأفذاذ وأن المستفيد قليل والكثير مفرط ومغبون.
روى الحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ» ذكر منها: «فَرَاغَكَ قَبْلَ شُغلِكَ، شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ» (¬٢).
قال محمد الطليطلي:
خُذْ مِنْ شَبَابِكَ قَبْلَ المَوتِ والهَرَمِ
وبادِرِ التوبَ قَبْلَ الفوتِ والندمِ
واعْلَمْ بأَنَّكَ مَجْزِيٌّ ومُرتَهَنٌ
ورَاقِبِ اللَّهَ واحْذَر زَلَّةَ القدمِ
قال ابن القيم رحمه الله: «إن الواردات سريعة الزوال تمر أسرع من السحاب وينقضي الوقت بما فيه فلا يعود عليك منه إلا أثره وحكمه فاختر لنفسك ما يعود عليك من وقتك فإنه عائد عليك لا محالة، ولهذا يقال للسعداء: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَة (٢٤)} [الحاقة]، ويقال للأشقياء: {ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي
---------------
(¬١) ص: ١٢٣٢ برقم ٦٤١٢.
(¬٢) (٥/ ٤٣٥) برقم ٧٩١٦، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الجامع الصغير (١/ ٢٤٤) برقم ١٠٧٧.

الصفحة 417