كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُون (٧٥)} [غافر]» (¬١).
وقال الشافعي رحمه الله: «صحبت الصوفية، فما انتفعت منهم إلا بكلمتين سمعتهم يقولون: الوقت سيف، فإن قطعته وإلا قطعك، ونفسك إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل» (¬٢).
ومن تأمل أحوال السلف ومن سار على نهجهم وجدهم أحرص الناس على كسب الوقت وملئه بالخير، قال عبد اللَّه بن مسعود: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي.
وقال الحسن البصري رحمه الله: يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يومك فقد ذهب بعضك، وقال: أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم على دراهمكم ودنانيركم.
وقد ذكر اللَّه موقفين للمرء يندم فيهما على إضاعة الوقت.
الأول: عند ساعة الاحتضار حين يستدبر الإنسان الدنيا ويستقبل الآخرة يتمنى لو منح مهلة من الزمن وأُخر إلى أجل قريب، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُون (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَاّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَاءِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون (١٠٠)} [المؤمنون: ١٠٠ - ٩٩].
---------------
(¬١) مدارج السالكين (٣/ ٥٠) نقلاً عن كتاب جامع الآداب لابن القيم من كلام ابن القيم، تحقيق/ يسري السيد محمد (١/ ٣٨٤).
(¬٢) مدارج السالكين (٣/ ٩٧).

الصفحة 418