كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

والحبل معروف، والمسد هو الليف يعني أنها متقلدة حبلاً من الليف تخرج به إلى الصحراء لتربط به الحطب الذي تأتي به لتضعه في طريق النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (¬١). قال سعيد بن المسيب: كانت لها قلادة فاخرة فقالت: لأنُفقنها في عداوة محمد فأعقبها اللَّه بها حبلاً في جيدها من مسد النار (¬٢).
روى البزار في مسنده من حديث ابن عباس قال: لما نزلت تبت يدا أبي لهب جاءت امرأة أبي لهب ورسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالس ومعه أبو بكر، فقال له أبو بكر: لو تنحيت لا تؤذيك بشيء فقال رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إِنَّهُ سَيُحَالُ بَينِي وَبَينَهَا» فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر فقالت: يا أبا بكر هجانا صاحبك، فقال أبو بكر: لا ورب هذه البنية، ما نطق بالشعر ولا يتفوه به، فقالت: إنك لمصدق؟ ! فلما ولت قال أبوبكر رضي اللهُ عنه: ما رأتك؟ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لَا مَا زَالَ مَلَكٌ يَستُرُنِي حَتَّى وَلَّت» (¬٣).
قال العلماء: في هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة فإنه منذ نزل قوله تعالى: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَب (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَب (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَد (٥)}. فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان ولم يقيض لهما أن يؤمنا ولا واحد منهما لا
---------------
(¬١) تفسير جزء عم للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ص: ٣٥١.
(¬٢) تفسير ابن كثير (١٤/ ٤٩٧).
(¬٣) (١/ ٦٨) برقم ١٥، وقال البزار: هذا الحديث حسن الإسناد، وحسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٨/ ٧٣٨).

الصفحة 430