كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

وكان يدعو صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» (¬١).
يعلم عليه الصلاة والسلام أن قلبه بيد الرحمن لا يملك منه شيئاً وأن اللَّه يصرفه كيف يشاء.
ثانياً: أن اللَّه تعالى الغني له ملك السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما، قال تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد (٦٤)} [الحج].
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي اللهُ عنه أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا عِبَادِي: إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي: لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي: لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا» (¬٢) فجميع الخلق مفتقرون إلى اللَّه الغني الواسع في طلب مصالحهم ودفع مضارهم في أمور دينهم ودنياهم والعباد لا يملكون لأنفسهم شيئاً من ذلك كله، قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم (٢)} [فاطر] ..
فاللَّه عزَّ وجلَّ هو الغني الذي يطعم ويسقي ويحيي ويميت ويُغني ويفقر، قال تعالى عن إبراهيم: {قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُون (٧٥) أَنتُمْ
---------------
(¬١) مسند الإمام أحمد (١٩/ ١٦٠)، وقال محققوه: إسناده قوي على شرط مسلم وأصله في صحيح مسلم.
(¬٢) ص: ١٠٣٩ برقم ٢٥٧٧.

الصفحة 441