كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، وَاحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» (¬١).
كان بعض العلماء قد جاوز المئة عام وهو متمتع بقوته وعقله فوثب يوماً وثبة شديدة فعُوتب في ذلك، فقال: هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر فحفظها اللَّه علينا في الكبر، وقد يحفظ اللَّه العبد بصلاحه بعد موته في ذريته، كما قال تعالى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: ٨٢]، فإنهما حفظا بصلاح أبيهما.
النوع الثاني: من الحفظ وهو أشرف النوعين: حفظ اللَّه للعبد في دينه وإيمانه، فيحفظه في حياته من الشبهات المضلة ومن الشهوات المحرمة، ويحفظ عليه دينه عند موته فيتوفاه على الإيمان. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَاخُذْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ، فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ»، ثم قال في آخر الحديث: «وَلْيَقُلْ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبِّي، بِكَ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ» (¬٢).
قوله: «احفَظِ اللَّهَ تَجِدهُ تُجَاهَكَ» وفي رواية: «أَمَامَكَ». معناه: أن من حفظ حدود اللَّه وراعى حقوقه وجد اللَّه معه في كل أحواله
---------------
(¬١) ص: ٥٤٧، برقم ٥٠٧٤، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود (٣/ ٢٤٨).
(¬٢) ص: ١٢١٦، برقم ٦٣٢٠، وصحيح مسلم ص: ١٠٨٨ برقم ٢٧١٤.

الصفحة 453