كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

ثم قال سبحانه: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} أي: لقد علم اليهود فيما عهد إليهم أن الساحر لا خلاق له في الآخرة، قال ابن عباس: ليس له نصيب، وقال الحسن: ليس له دين فدلت الآية على تحريم السحر وعلى كفر الساحر وعلى ضرر السحر على الخلق، قال سبحانه: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (٦٩)} [طه]. ففي هذه الآية الكريمة نفى الفلاح نفياً عن الساحر عاماً في أي مكان وهذا دليل على كفره.
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «اجتَنِبُوا السَّبعَ المُوبِقَاتِ» قالوا: يا رسول اللَّه ما هي: قال: «الشِّركُ بِاللَّهِ، وَالسِّحرُ» ثم ذكر البقية الأخرى (¬١). وهذا يدل على عظم جريمة السحر لأنه قرنه بالشرك وعده من السبع الموبقات التي نهى عنها لكونها تهلك فاعلها في الدنيا، لما يترتب عليها من الأضرار الحسية والمعنوية وتهلكه في الآخرة بما يناله بسببها من العذاب الأليم.
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» (¬٢). وروى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» (¬٣)، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل أناس
---------------
(¬١) ص: ٥٣٣ رقم ٢٧٦٦، وصحيح مسلم ص: ٦٣ برقم ٨٩.
(¬٢) (١٥/ ٣٣١) برقم ٩٥٣٦ وقال محققوه: حديث حسن.
(¬٣) ص: ٩١٧ برقم ٢٢٣٠.

الصفحة 476