كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الكهان فقال: «لَيْسُوا بِشَيْءٍ» قالوا: يا رسول اللَّه فإنهم يحدثون أحياناً بالشيء يكون حقاً؟ فقال رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ، يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِئَةِ كَذْبَةٍ» (¬١).
ففي هذه الأحاديث النهي عن إتيان العرافين والكهنة والسحرة وأمثالهم وسؤالهم وتصديقهم والوعيد على ذلك، وفيها دليل على كفر الكاهن والساحر لأنهما يدعيان علم الغيب وذلك كفر ولأنهما لا يتوصلان إلى مقصدهما إلا بخدمة الجن وعبادتهم من دون اللَّه وذلك كفر باللَّه وشرك به سبحانه.
والساحر لا يتمكن من سحره إلا بالخروج من هذا الدين إما بالذبح للجن أو الاستغاثة بهم أو إهانة كلام اللَّه أو غير ذلك من الموبقات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «يكتبون كلام اللَّه بالنجاسة وقد يقلبون حروف كلام اللَّه، إما حروف الفاتحة، وإما حروف {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد (١)} [الإخلاص]، وإما غيرهما، إما بدم وإما غيره، وإما بغير نجاسة، أو يكتبون غير ذلك مما يرضاه الشيطان أو يتكلمون بذلك» (¬٢).
«ولهذا كلما كان الساحر أكفر وأخبث وأشد معاداة للَّه ولرسوله
---------------
(¬١) ص: ١١٩٦ برقم ٦٢١٣، وصحيح مسلم ص: ٩١٦ - ٩١٧ برقم ٢٢٢٨.
(¬٢) الفتاوى (١٩/ ٣٥).

الصفحة 477