كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

ولعباده المؤمنين كان سحره أقوى وأنفذ، ولهذا كان سحر عُباد الأصنام أقوى من سحر أهل الكتاب، وسحر اليهود أقوى من سحر المنتسبين إلى الإسلام وهم الذين سحروا رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم» (¬١).
والنصوص السابقة من الكتاب والسنة تدل على كفر الساحر كما تقدم مما يدل على أنه يُستتاب فإن تاب وإلا قتل، وذهب بعض العلماء إلى قتله بدون استتابة، روى الترمذي في سننه من حديث جندب رضي اللهُ عنه موقوفاً عليه أنه قال: «حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ» (¬٢) وورد عن طائفة من صحابة رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قتل الساحر والأمر بذلك ولم يوجد بينهم خلاف في ذلك.
والسحر داء يؤثر فيمرض الأبدان، ويقتل ويفرق بين المرء وزوجة وشرع للمرء الذي أُصيب به ويسعى في علاجه الأخذ بالأسباب المباحة المؤدية إلى الشفاء لأن اللَّه تعالى جعل لكل داء دواء. روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» (¬٣). ويعالج السحر بالقرآن والأدعية المشروعة والأدوية المباحة.
قال ابن القيم رحمه الله: «وقد رُوي عنه فيه عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أي في علاج السحر نوعان: أحدهما وهو أبلغها استخراجه وإبطاله كما صح عنه أنه سأل ربه سبحانه في ذلك فدُل عليه. والنوع الثاني: الاستفراغ
---------------
(¬١) بدائع الفوائد (٢/ ٧٥٨).
(¬٢) ص: ٢٥٧ برقم ١٤٦٠.
(¬٣) ص: ١١١٦ برقم ٥٦٧٨.

الصفحة 478