كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

أوصافه القبيحة جماع مناع. أي يجمع المال ويمنع العطاء فهو بخيل لا يعطي شيئاً. قال بعض المفسرين: أي إن الذي يحمله على الحط من أقدار الناس هو جمعه المال وتعديده أي عده مرة بعد أخرى شغفاً به وتلذذاً بإحصائه لأنه لا يرى عزاً ولا شرفاً ولا مجداً في سواه، قال تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُون (٥٥)} [التوبة]. روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ» (¬١).
قوله تعالى: {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَه (٣)} أي: أيظن أن ماله الذي جمعه وأحصاه وبخل بإنفاقه مخلده في الدنيا فمزيل عنه الموت كلا، قال تعالى لنبيه: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُون (٣٤)} [الأنبياء]. وقال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٨٥].
قوله تعالى: {كَلَاّ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَة (٤)}، {كَلَاّ}: أي: فليرتدع عن هذا الحسبان فإن الأمر ليس كما يظن بل لا بد أن يفارق هذه الحياة إلى حياة أخرى يعاقب فيها على ما كسب من سيئ الأعمال، و {لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَة (٤)} أي: ليلقين وليقذفن يوم القيامة في النار التي من شأنها أن تكسر كل ما يُلقى فيها وتحطمه
---------------
(¬١) ص: ٥٥٥ برقم ٢٨٨٧.

الصفحة 482