كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

والنبذ تفيد التحقير والتصغير.
قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَة (٥)}. استفهام عنها لتهويل أمرها كأنها ليست من الأمور التي تدركها العقول ثم فسرها بقوله سبحانه: {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَة (٦)} أي: هي النار التي لا تنسب إلا إليه سبحانه لأنه هو منشئها في عالم لا يعلمه سواه، قال أبوالسعود: وفي إضافتها إليه سبحانه ووصفها بالإيقاد أي المشتعلة من تهويل أمرها ما لا مزيد عليه (¬١).
قوله تعالى: {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَة (٧)}، قال ابن جرير: أي التي يطلع ألمها ووهجها على القلوب (¬٢)، وقال الزمخشري: يعني أنها تدخل في أجوافهم حتى تصل إلى صدورهم وتطلع على أفئدتهم وهي أوساط القلوب ولا شيء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد ولا أشد تألماً منه بأدنى أذى يمسه، فكيف إذا اطلعت عليه نار جهنم واستولت عليه؟ ! ويجوز أن يخص الأفئدة لأنها مواطن الكفر والعقائد الفاسدة والنيات الخبيثة (¬٣). قال بعض المفسرين: وخص الأفئدة لأن الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه أي أنهم في حال من يموت وهم لا يموتون (¬٤) كما قال تعالى: {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (١٣)} [الأعلى]. وقال تعالى: {وَيَاتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ
---------------
(¬١) تفسير أبي السعود (٩/ ١٩٩).
(¬٢) تفسير الطبري (١٢/ ٦٨٩).
(¬٣) الكشاف (٤/ ٢٢٣).
(¬٤) زاد المسير في علم التفسير (٩/ ٢٢٩ - ٢٣٠).

الصفحة 483