كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)

هذا في السيرة النبوية وبعهد النبوة كثيرة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [الأحزاب: ٥٧]. وقال تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِين (٩٥)} [الحجر]. قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: «إنا كفيناك المستهزئين بك وبما جئت به وهذا وعد من اللَّه لرسوله أن لا يضره المستهزؤون وأن يكفيه اللَّه إياهم بما شاء من العقوبة» (¬١). وقال تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَر (٣)} [الكوثر]. فكل من شنأه أو أبغضه وعاداه فإن اللَّه يقطع دابره ويمحق عينه وأثره، وقيل: إنها نزلت في العاص بن وائل، أو عقبة بن أبي معيط، أو في كعب ابن الأشرف، وجميعهم أُخذوا أخذ عزيز مقتدر وقتلوا شر قتلة» (¬٢).
روى البخاري ومسلم من حديث أنس رضي اللهُ عنه قال: كان رجل نصرانياً فأسلم، وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فعاد نصرانياً، فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبت له، فأماته اللَّه فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم، نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا له فأعمقوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه، نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم فألقوه فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا فأصبح وقد لفظته الأرض فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه (¬٣).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله معلقاً: وهذا أمر خارج عن
---------------
(¬١) تفسير ابن سعدي ص: ٤١٠.
(¬٢) تفسير ابن كثير ١٤/ ٤٨٢ - ٤٨٣.
(¬٣) ص: ٦٩١ برقم ٣٦١٧، وصحيح مسلم ص: ١١٢٠ برقم ٢٧٨١.

الصفحة 494