كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 5)
أهل الضلالة من البدع إنما هو ابتداع في دين اللَّه واتهام لهذا الدين بالنقص، روى البخاري ومسلم من حديث عائشة أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «مَن أَحدَثَ فِي أَمرِنَا هَذَا مَا لَيسَ مِنهُ فَهُوَ رَدٌّ» (¬١) فما من خير إلا والنبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دل أمته عليه وما من شر إلا حذر أمته منه، قال أبو ذر: «لقد تركنا رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وما يقلب طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً» (¬٢).
ثانياً: أن اللَّه أتم على المؤمنين نعمه الظاهرة والباطنة، ومن أعظم هذه النعم بعث النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِين (١٦٤)} [آل عمران].
ثالثاً: أن اللَّه تعالى رضي للمؤمنين هذا الدين العظيم دين الإسلام بل إن اللَّه لا يقبل من الناس غيره، قال تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين (٨٥)} [آل عمران]. وقال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُوا الْكِتَابَ إِلَاّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهِ سَرِيعُ الْحِسَاب (١٩)} [آل عمران].
فوجب على المؤمنين أن يرضوا بهذا الدين الذي رضيه اللَّه لهم، روى مسلم في صحيحه من حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
---------------
(¬١) ص: ٥١٤ برقم ٢٦٩٧، وصحيح مسلم ص: ٧١٤ رقم ١٧١٨.
(¬٢) تفسير ابن جرير (٥/ ١٨٨).