كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 13 """"""
كتب له الحسنات ولم يكتب له السيئات ؛ قال : باطلٌ يا أمير المؤمنين ، أنبيٌّ خليفةٌ أكرم على الله أم خليفةٌ غير نبيّ ؟ قال : نبيٌّ خليفةٌ ؛ قال : فإن الله تعالى يقول لنبيه داود عليه السلام : " يا داود إنّا جعلناك خليفةً بالأرض فاحكم بين النّاس بالحقّ ولا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل الله إنّ الّذين يضلّون عن سبيل الله لهم عذابٌ شديدٌ بما نسوا يوم الحساب " ؛ فهذا يا أمير المؤمنين وعيده لنبيٍّ خليفة ، فما ظنك بخليفةٍ غير نبيّ قال : إنّ الناس ليعروننا من ديننا .
خطب المنصور فقال في خطبته ما كأنه تفسير ما أدمجه فيثاغورث وإيضاحه ، وهو : معشر الناس ، لا تضمروا غش الأئمة فإنه من أضمر ذلك أظهره الله على سقطات لسانه ، وقلبات أحواله وسحنة وجهه .
قال : خرج الزّهريّ يوماً من مجلس هشام بن عبد الملك فقال : ما رأيت كاليوم ولا سمعت كأربع كلمات تكلم بهنّ رجلٌ عند هشام بن عبد الملك ، دخل عليه فقال : يا أمير المؤمنين ، احفظ عني أربع كلماتٍ فيهنّ صلاح ملكك ، واستقامة رعيتك ، قال : هاتهن ؛ فقال : لا تعدنّ عدةً لا تثق من نفسك بإنجازها ، ولا يغرنّك المرتقى وإن كان سهلاً إذا كان المنحدر وعراً ، واعلم أن الأعمال جزاءٌ فاتق العواقب ، وأن الأمور بغتاتٌ فكن على حذر ، قال عيسى بن دأب : فحدّثت الهادي بها وفي يده لقمة قد رفعها إلى فيه فأمسكها ، وقال : ويحك أعد عليّ ؛ فقلت : يا أمير المؤمنين ؛ أسغ لقمتك ؛ فقال : حديثك أعجب إليّ .
وقال ابن المقفع : اعلم أن السلطان يقبل من الوزراء التبخيل ويعدّه منهم شفقةً ويحمدهم عليه وإن كان جواداً ، فإن كنت مبخّلاً غششت صاحبك بفساد مروءته ، وإن كنت مسخيّاً لم تأمن من إضرار ذلك بمنزلتك ؛ فالرأي تصحيح النصيحة

الصفحة 13