كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 16 """"""
عباس قدم على معاوية بن أبي سفيان وعنده زياد ، فرحب به معاوية وألطفه وقربه ولم يكلمه زياد بكلمة ، فابتدأه ابن عباس وقال : ما حالك يا أبا المغيرة كأنك أردت أن تحدث بيننا وبينك هجرة ؛ قال : لا ، ولكنه لا يسلّم على قادم بين يدي أمير المؤمنين ؛ فقال له ابن عباس : ما ترك الناس التحية بينهم عند أمرائهم ؛ فقال له معاوية : كف عنه يا بن عباس ، فإنك لا تشاء أن تغلب إلا غلبت .
وقالوا : كن على التماس الخطأ بالسكوت بين يدي السلطان أحرص منك على التماسه بالكلام .
وقالوا : مساءلة الملوك عن أحوالهم من تحية النّوكى .
وقالوا : لا تسلم على الملك ، فإنه إن أجابك شقّ عليه ، وإن لم يجبك شقّ عليك .
وقال الفضل بن الربيع : سنتان مهملتان عند الملوك : السلام والتشميت ، لأنهم يصانون عن كل ما يقتضي جواباً .
وقيل : لا يقدر على صحبة السلطان إلا من يستقل بما حمّلوه ، ولا يلحف إذا سألهم ، ولا يغترّ بهم إذا رضوا عنه ، ولا يتغير لهم إذا سخطوا عليه ، ولا يطغى إذا سلطوه ، ولا يبطر إذا أكرموه .

الصفحة 16