كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)
"""""" صفحة رقم 210 """"""
مفترضات خدمك اللازبة ؛ وأنشأت لك هذه النبذة مرتجلاً فيها ، ورتبتها على التهيؤ لمراتب القتال ، وقدمت الدرع وتلوته بالقوس وأعقبته بالرمح ، وختمته بالسيف .
فمن ذلك في وصف درع : خليقٌ بمثله أن يفاض عليه مثل هذه الفضفاضه ، وأن يبلغ بها من نيل الأعداء أمانيه وأغراضه ؛ وأن يتخذها جنة تقيه سوء المزاريق في حومة القتال ، وأن يتدرعها فتختال عليه غديراً صافحت صفحته يد الشمال ؛ إن نشرت على الجسد غطت الكعبين ، وإن طويت فكالمبرد في يد القين ؛ حميدة الملبس ميمونة المساعي ، مسرورة النسج في عيون الأفاعي ؛ داووية النسب تبعية المعزى ، قد تقاربت في الحلق وتناسبت في الأجزاء .
وأعددت للحرب فضفاضةً . . . تضاءل في الطي كالمبرد
دلاصٌ ولكن كظهر النون لا يستطيعان سنان ، وموضونةٌ ولكن يحير البصر فيها عند العيان : أ موج بحرٍ يتلاطم في جوانبها أم حبات غدران .
مشفوعةٌ بقوس طلعت هلالاً في سماء المعارك ، ومجرةً تنقض منها نجوم المهالك ؛ ووكراً تسرح منه نسور المعاطب ، وأماً تفرق أولادها لإحراز الغرض من كل جانب ؛ تصرع بسهامها كل رامح ونابل ، وتبكي ومن العجب أن يبكي القتيل القاتل ؛ تطيعك في أول النزع وتعصيك في آخره ، وترسل سهماً فلا يقنع من العدو إلا بسواد ناظره ؛
إذا أنبض الرامون عنها ترنمت . . . ترنم ثكلى قد أصيب وحيدها
تهابها الأقران ، وتتحاماها الشجعان ، ويؤمن بمرسلها كل شيطان من الإنس والجان . ووصف الرمح فقال : وإن أولى ما اعتقل مولانا من الخطي ما سلب الروم زرقتها ، والعرب سمرتها ؛ وأشبه العاشق ذبولاً واصفراراً ، وخالط الضرغام في غيله فهو يلقى من بأسه عند المطاعنة أخبارا ؛ وهزه الفارس فالتقى طرفاه ، وخيل لرائيه أن ثعلبه قد فغرفاه ؛ وإن محمله الدارع قلت غصناً على غدير ، وإن هزه الفارس وألقاه