كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 212 """"""
" فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق " .
وقال : " وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط " ، إلى غير ذلك من الآي .
ولا يجوز أن يقلد القضاء إلا من اجتمع فيه ثمانية شروط ، وهي : الذكورية ، والبلوغ ، والعقل ، والحرية ، والإسلام ، والعدالة ، وسلامة السمع والبصر ، والعلم بأحكام الشريعة .
ولكل شرط من هذه الشروط فوائد نشرح ما تلخص منها إن شاء الله .
أما الذكورية : فلقوله عز وجل : " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعضٍ " قيل : المراد بالتفضيل هنا العقل والرأي ، لما روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " النساء ناقصات عقلٍ ودينٍ " ، ولنقص النساء عن رتب الولايات .
وقال أبو حنيفة : يجوز أن تقضي المرأة فيما تصح فيه شهادتها دون ما لا تصح فيه .
وجوز الطبري قضاءها في جميع الأحكام .
والإجماع يرد ذلك .
وأما البلوغ : فلأن غير البالغ لا يجري عليه قلم ، ولا يتعلق بقوله على نفسه حكم ، فكان أولى ألا يتعلق به على غيره .
وأما العقل : فهو مجمعٌ على اعتباره ، ولا يكتفى فيه بالعقل الذي يصح معه التكليف من العلم بالمدركات الضرورية ، حتى يكون صحيح التمييز جيد الفطنة بعيداً من السهو والغفلة ، ليتوصل بذكائه إلى وضوح ما أشكل ، وحل ما أهم وأعضل .
وأما الحرية : فنقص العبد عن ولاية نفسه يمنع من انعقاد ولايته على غيره ، ولأن الرق لما منع من قبول الشهادة كان أولى أن يمنع من نفوذ الحكم وانعقاد

الصفحة 212