كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 215 """"""
قال : ويقوي الإمام يده ويشد أزره ، ويكف العمال وغيرهم عن معارضته ومزاحمته ، ويأمرهم جميعاً بطاعته ، ولا يرخص لأحد منهم في الامتناع عليه إذا دعاه ، والخروج عن أحكامه إن أمره أو نهاه ، فيما يتصل بالانقياد للحكم .
ويتوقى أن يقال في مجلسه : هذا حكم الله ، وهذا حكم الديوان ؛ فإن هذا من قائله إشراك بالله ؛ إذ لا حكم إلا لله .
قال الله عز وجل : " فالحكم لله العلي الكبير " .
وقال تعالى : " ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين " .
وقال تعالى : " ولا يشرك في حكمه أحداً " .
وقال : " لا معقب لحكمه " .
قال : وإن سمع بذلك واليه فأقره عليه كان مثله ؛ قال الله عز وجل : " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره إنكم إذاً مثلهم " .
فإذا كان هذا في القعود معهم فكيف بإقرارهم والاستحسان لهم .
ذكر الألفاظ التي تنعقد بها ولاية القضاء والشروط
قال الماوردي : وولاية القضاء تنعقد بما تنعقد به الولايات : من انعقادها مع الحضور باللفظ مشافهةً ، ومع الغيبة بمراسلةٍ أو مكاتبة .
لكن لابد مع المكاتبة أن يقترن بها من شواهد الحال ما يدل عليها عند المولى وأهل عمله .
والألفاظ التي تنعقد بها الولاية ضربان : صريح وكناية .
فالصريح أربعة ألفاظ وهي : قد وليتك ، وقلدتك ، واستخلفتك ، واستنبتك .
فإذا أتى المولى بأحد هذه الألفاظ انعقدت الولاية بالقضاء وغيره من الولايات ، ولا يحتاج مع هذا الصريح إلى قرينة أخرى ، إلا أن يكون تأكيداً لا شرطاً .
وأما الكناية فهي سبعة ألفاظ .
وهي : قد اعتمدت عليك ، وعولت عليك ، ورددت إليك ، وجعلت إليك ، وفوضت إليك ، ووكلت إليك ، وأسندت إليك .
فهذه الألفاظ لما تضمنته من الاحتمال تضعف عن حكم الصريح حتى يقترن بها في عقد الولاية ما ينفي عنها الاحتمال وتصير في حكم الصريح ، مثل قوله : فانظر فيما وكلته إليك ، واحكم فيما اعتمدت فيه عليك .
فتصير الولاية بهذه القرينة مع ما تقدم من

الصفحة 215