كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)
"""""" صفحة رقم 216 """"""
الكناية منعقدة .
ثم تمامها موقوف على قبول المولى ، فإن كان التقليد مشافهةً فقبوله على الفور لفظاً ، وإن كان بمراسلة أو مكاتبة ، جاز أن يكون على التراخي .
واختلف في صحة القبول بالشروع في النظر ، فجوزه بعضهم وجعله كالنطق ، ومنعه آخرون حتى يكون نطقاً ؛ لأن الشروع في النظر فرع لعقد الولاية ، فلم ينعقد قبولها به .
فهذه الألفاظ التي تنعقد بها الولاية .
وأما شروطها فأربعة
: أحدها : معرفة المولى للمولى أنه على الصفة التي يجوز أن يولى معها ، فإن لم يعلم أنه على الصفة التي تجوز معها تلك الولاية لم يصح تقليده ؛ فلو عرفها بعد التقليد استأنفها ، ولا يعول على ما تقدمها .
والثاني : معرفة المولى بما عليه المولى من استحقاق تلك الولاية بصفاته التي يصير بها مستحقاً لها ، وأنه قد تقلدها وصار مستحقاً للاستنابة فيها .
إلا أن هذا الشرط معتبر في قبول المولى وجواز نظره ، وليس بشرط في عقد تقليده وولايته ، بخلاف الشرط المتقدم .
وليس يراعى في هذه المعرفة المشاهدة بالنظر ، وإنما يراعى انتشارها بالخبر الشائع .
والثالث : ذكر ما تضمنه التقليد من ولاية القضاء بصريح التسمية .
والرابع : ذكر تقليد البلد الذي عقدت الولاية عليه ليعرف به العمل الذي يستحق النظر فيه ، ولا تصح الولاية مع الجهل به .
فإذا انعقد التقليد تمت الولاية بهذه الشروط والألفاظ .
واحتاج المولى إلى شرط زائد على شروط العقد ، وهو إشاعة تقليده في أهل عمله ليذعنوا بطاعته وينقادوا إلى حكمه .
وهو شرط في لزوم الطاعة وليس بشرط في نفوذ الحكم .
فإذا صحت عقداً ولزوماً بما وصفناه ، صح فيها نظر المولى والمولى كالوكالة ، لأنهما معا استنابة .
ولم يلزم المقام عليها من جهة المولى ولا من جهة المولى .
وكان للمولى عزله عنها متى شاء ، وللمولى عزل نفسه متى شاء ؛ غير أن الأولى بالمولى ألا يعزله إلا بعذر ، وألا يعتزل المولى إلا من عذر ؛ لما في الولاية من حقوق المسلمين .
وإذا عزل أو اعتزل وجب إظهار العزل كما وجب إظهار التقليد ، حتى لا يقدم على إنفاذ حكم ولا يغتر بالترافع إليه خصم .
فإن حكم بعد