كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)
"""""" صفحة رقم 218 """"""
والسابع : إقامة الحدود على مستحقيها ، فإن كان من حدود الله تعالى تفرد باستيفائه من غير طالبٍ إذا ثبت بإقرار أو بنية ؛ وإن كان من حقوق الآدميين كان موقوفاً على طلب مستحقه .
وقال أبو حنيفة : لا يستوفيهما معاً إلا بخصمٍ مطالب .
والثامن : النظر في مصالح عمله من الكف عن التعدي في الطرقات والأفنية ، وإخراج ما لا يستحق من الأجنحة والأبنية ؛ وله أن يتفرد بالنظر فيها وإن لم يحضره خصم .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز له النظر فيها إلا بحضور خصم مستعدٍ .
وهي من حقوق الله تعالى التي يستوي فيها المستعدي والمستعدى إليه ، فكان تفرد الولاة بها أخص .
التاسع : تصفح شهوده وأمنائه ، واختيار النائبين عنه من خلفائه في إقرارهم والتعويل عليهم مع ظهور السلامة والاستقامة ، وصرفهم والاستبدال بهم مع ظهور الجرح والخيانة .
ومن ضعف منهم عما يعانيه ، كان موليه بين خيارين يأتي أصلحهما : إما أن يستبدل به من هو أقوى منه وأكفى ، وإما أن يضم إليه من يكون اجتماعهما عليه أنفذ وأمضى .
والعاشر : التسوية في الحكم بين القوي و الضعيف ، والعدل في القضاء بين المشروف والشريف ؛ ولا يتبع هواه في تقصيرٍ بحق أو ممايلةٍ لمبطلٍ .
قال الله تعالى : " يا داود إنا جعلناك خليفةً في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذابٌ شديدٌ بما نسوا يوم الحساب " .
وقد استوفى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عهده إلى أبي موسى الأشعري شروط القضاء وبين أحكام التقليد حين ولاه القضاء ، قال : أما بعد ، فإن القضاء فريضةٌ محكمة وسنة متبعة .
فافهم إذا أدلي إليك .
وأنفذ إذا تبين لك فإنه لا ينفع تكلم بحقٍ لا نفاذ له .
وآس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك ، حتى لا يطمع شريف في حيفك ، ولا ييأس ضعيف من عدلك .
البينة على من ادعى ، واليمين على من أنكر .
والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً .
ولا يمنعك قضاءٌ قضيته أمس فراجعت اليوم