كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 219 """"""
فيه عقلك وهديت فيه رشدك أن ترجع إلى الحق ؛ فإن الحق قديم ، ومراجعة الحق خيرٌ من التمادي في الباطل .
الفهم الفهم فيما تلجلج فيه صدرك مما ليس في كتابٍ ولا سنة .
ثم اعرف الأمثال والأشباه ، وقس الأمور بنظائرها .
واجعل لمن ادعى حقاً غائباً أو بينةً أمداً ينتهي إليه ؛ فإن أحضر بينةً أخذت له بحقه ، وإلا استحللت القضية عليه ؛ فإن ذلك أنفى للشك وأجلى للعمى .
المسلمون عدولٌ بعضهم على بعض ، إلا مجلوداً في حد ، أو مجرباً عليه شهادة زور ، أو ظنيناً في ولاء أو نسب فإن الله تعالى تولى منكم السرائر ودرأ بالبينات والأيمان ؛ وإياك والغلق والضجر والتأفف بالخصوم ، فإن استقرار الحق في مواطن الحق يعظم الله به الأجر ويحسن به الذكر .
والسلام .
ذكر ما يأتيه القاضي ويذره في حق نفسه إذا دعي إلى الولاية أو خطبها وما يلزم الناس من امتثال أمره وطاعته ، وما يعتمده في أمر كاتبه وبطانته وأعوانه وجلوسه لفصل المحاكمات والأقضية
.
قال الحليمي : وإذا دعا الإمام رجلاً إلى القضاء ، فينبغي له أن ينظر في حال نفسه وحال الناس الذين يدعى إلى النظر في مظالمهم .
فإن وثق من نفسه بالاستقلال والكفاية والاقتدار على أداء الأمانة ، وعلم أنه إن لم يقبل صار الأمر إلى من يكون للمسلمين مثله ، فأولى به أن يجيب إلى ما يدعى إليه ويقبله ويحسن النية في قبوله ؛ ليكون عمله لوجه الله تعالى .
وإن وجد من يقوم مقامه ويسد مسده فهو بالخيار ؛ والتمسك أفضل .
فأما إن لم يعلم من نفسه الاستقلال ، أو لم يأمن أن يكون منه سوء التمسك وقلة التمالك ، فلا ينبغي له أن يجيب . وهكذا إن كان هناك من هو خير منه علماً وعقلاً وخلقاً .
وإن عرض الأمر عليه فلا ينبغي له أن يتسارع إلى ما يدعى إليه ، لينظر ما الذي يكون من الآخر .
قال : وإذا دعا الإمام رجلاً إلى عمل من أعماله ، قضاءٍ أو غيره ، والرجل ممن يصلح له ، فأبى ، فإن وجد الإمام من يقوم مقامه في ذلك أعفاه ، وإن لم يجد من

الصفحة 219