كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)
"""""" صفحة رقم 224 """"""
سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : " من عاذ بالله فقد عاذ معاذاً " .
قال : نعم ، قال : فما تكره من ذلك وقد كان أبوك يقضي ؟ قال : إني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : " من كان قاضياً يقضي بجورٍ كان من أهل النار ومن كان قاضياً يقضي بجهلٍ كان من أهل النار ومن كان قاضياً عالماً يقضي بالعدل فبالحري أن ينقلب كفافاً ؛ فما أصنع بهذا وقال بعضهم : ذكرنا أمر القضاء عند عائشة رضي الله عنها ، فقالت : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : " يجاء بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرةٍ قط " .
وقال صعصعة بن صوحان : خطبنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه بذي قارٍ وعليه عمامةٌ سوداء فقال : يا أيها الناس ، إني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : " ليس من والٍ ولا قاضٍ إلا يؤتى به يوم القيامة حتى يوقف بين يدي الله تعالى على الصراط ثم ينشر الملك سيرته فيقرؤها على رءوس الأشهاد - الخلائق - فإن كان عدلاً نجاه الله بعدله وإن كان غير ذلك انتفض به الصراط انتفاضةً صار بين كل عضوٍ من أعضائه مسيرة مائة سنة ثم يتخرق به الصراط فما يلتقي قعر جهنم إلا بوجهه وحر جبينه " ز وجاء في الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم مثل ذلك .
وفيما ذكرنا مقنعٌ وغنية عن بسط الكلام فيه .
فلنذكر ولاية المظالم .
الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الثاني في ولاية المظالم وهي نيابة دار العدل
وللناظر فيها شروط ذكرها الماوردي فقال : من شروط الناظر في المظالم أن يكون جليل القدر ، نافذ الأمر ، عظيم الهيبة ، ظاهر العفة ، قليل الطمع ، كثير الورع ، لأنه يحتاج في نظره إلى سطوة الحماة ، وتثبت القضاة ، فاحتاج إلى الجمع بين صفتي الفريقين ، وأن يكون بجلالة القدر نافذ الأمر في الجهتين .
فإن كان ممن يملك الأمور العامة ، كالخلفاء أو ممن فوض إليه الخلفاء النظر في الأمور العامة كالوزراء والأمراء ، لم يحتج للنظر فيها إلى تقليد وتولية وكان له بعموم ولايته النظر فيها .
وإن كان ممن لم يفوض إليه عموم النظر ، احتاج إلى تقليد وتولية إذا اجتمعت فيه الشروط المتقدمة .
وهذا إنما يصح فيمن يجوز أن يختار لولاية العهد ،