كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 228 """"""
ومنهم من بنى لها مكاناً مخصصاً بها سماه " دار العدل " على ما نورد ذلك - إن شاء الله - في فن التاريخ .
ذكر ما يحتاج إليه ولاة المظالم في جلوسهم لها ومن يجتمع عندهم ويحضر مجلسهم ، وما يختص بنظرهم وتشمله ولايتهم
قال الماوردي : فإذا نظر في المظالم من انتدب لها جعل لنظره يوماً معروفاً يقصده فيه المتظلمون ، ويراجعه فيه المتنازعون ؛ ليكون ما سواه من الأيام لما هو موكولٌ إليه من السياسة والتدبير ؛ إلا أن يكون من عمال المظالم المتفردين بها ، فيكون مندوباً للنظر في جميع الأيام .
وليكن سهل الحجاب ، نزه الأصحاب .
ويستكمل مجلس نظره بحضور خمسة أصناف لا يستغني عنهم ، ولا ينتظم أمره إلا بهم ؛ وهم الحماة والأعوان ، لجذب القوي وتقويم الجريء .
والصنف الثاني : القضاة والحكام ، لاستعلام ما يثبت عندهم من الحقوق ، ومعرفة ما يجري في مجالسهم بين الخصوم .
والصنف الثالث : الفقهاء ، ليرجع إليهم فيما أشكل ، ويسألهم عما اشتبه وأعضل .
والصنف الرابع : الكتاب ، ليثبتوا ما جرى بين الخصوم وما توجه لهم أو عليهم من الحقوق .
والصنف الخامس : الشهود ، ليشهدهم على ما أوجبه من حق وأمضاه من حكم .
فإذا استكمل مجلس المظالم بهذه الأصناف الخمسة ، شرع حينئذ في نظره .
ما يختص بنظر متولي المظالم
وتشتمل عليه ولايته فعشرة أقسام : الأول : النظر في تعدي الولاة على الرعية وأخذهم بالعسف في السيرة ، فهذا من لوازم النظر في المظالم ، فيكون لسير الولاة متصفحا ، وعن أحوالهم مستكشفا ، ليقويهم إن أنصفوا ، ويكفهم إن عسفوا .
والثاني : جور العمال فيما يجبونه من الأموال ؛ فيرجع فيه إلى القوانين العادلة في الدواوين ، فيحمل الناس عليها ويأخذ العمال بها .
وينظر فيما استزادوه ، فإن رفعوه إلى بيت المال أمر برده ، وإن أخذوه لأنفسهم استرجعه منهم لأربابه .

الصفحة 228